للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(لما ذكرنا) وهو قوله: (لِمَا فيه من تحقيق النَّظر في الجانِبَين، والله أعلم بالصواب) (١).

كتاب الإباق (٢):

هذه الكُتُب أعني: اللَّقيط، واللُّقطة، والإباق، والمفقود كُتُب، متجانس بعضها بعضًا من حيث إنّ في كلٍّ منها عُرضة (٣) الزّوال والهلاك.

وفي المبسوط: اعلم بأنَّ الإباق تمرُّد في الانطلاق، وهو مِن (٤) سوء الأخلاق ورداءة الأعراق، يظهر العبد عن نفسه فرارًا ليصير ماليته فيه ضمارًا، فردَّه إلى مولاه إحسان، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان (٥).

[[رد الآبق]]

" الإباق": هو الهرب من بابي ضرَبَ ونصَرَ.

(من يقوى عليه) أي: يقدِر (لِما فيه مِن إحيائه) (٦) لأنَّ الآبِق هالِك في حقِّ المولى فيكون الرَّد إحياءً له. ثُمَّ الفَرق بين الآبق، والضَّال: قيل الآبق هو المملوك الذي فرَّ من صاحبه قصدًا، والضال: هو الذي ضلَّ الطريق إلى منزله، وهو في ذلك غير قاصد.

(ثم آخذُ الآبق يأتي به إلى السلطان) هذا اختيار شمس الأئمة السرخسي (٧).

و (٨) أمّا اختيار شمس الأئمة الحلواني أنَّ الرادَّ بالخيار، إنْ شاء حفظ بنفسه، وإنْ شاء رفعه (٩) إلى الإمام. وكذلك الضَّال والضَّالة، [الواجد] (١٠) فيهما بالخيار (١١)؛ كذا في الذخيرة.

[[ما يجب للراد]]

(والقياس أن لا يكون له شيء) فوجه القياس ظاهر، وهو أنّه تبرُّع بمنافعه في ردِّه على مولاه، ولو تبرَّع عليه بعين من أعيان ماله لم يستوجِب عليه عِوضًا بمقابلته، فكذلك (١٢) إذا تبرَّع بمنافعه؛ ولأنَّ ردَّ الآبق نهيٌ عن المنكر لأنَّ الإباق منكر، والنَّهي عن المنكر فَرض على كل مسلم فلا يستوجِب بإقامة الفرض جُعلًا.

(إلا أنَّ منهم مَنأوجب الأربعين، ومنهم مَن أوجب ما دونها، فأوجبْنا الأربعين).

فإنْ قيل: كان ينبغي أنْ يؤخذ بالأقل في المقدار؛ لأنَّه متيقَّن به. قلنا: إنّما لم نَأخذ (١٣) بالأقلَّ لأنّ التّوفيق بين أقاويلهم (١٤) ممكِن بأنْ يُحمل قول َمن أفتى بالأقلِّ على ما إذا رده بما دونه (١٥) مسيرة سفر. وقول مَن أفتى بالأكثر على ما إذا ردَّه مِن مسيرة سفر. وإذا أتى رجلٌ بعبد آبق فأخذه السُّلطان فحبسه فجاء رجلٌ، وأقام البيِّنة أنَّه عبده، فإنَّه يستحلفه بالله ما بِعته، ولا وهبتُه، ثُمَّ يدفعه إليه. وذلك لأنَّه لما أقام البيِّنة فقد أثبت مُلكَه فيه بالحجة إلا أنّه يحتمل أنْ يكون باعه، أو وَهَبه، ولا يعرف الشُّهود ذلك، فيستحلِفه على ذلك.


(١) ساقط من (ب).
(٢) في (ب) "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب الإباق".
(٣) في (ب) "عرضية".
(٤) ساقط من (ب).
(٥) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ١٦).
(٦) في (ب) "إحياه".
(٧) ينظر المبسوط للسرخسي (١١/ ١٩).
(٨) ساقط من (ب).
(٩) في (ب) "دفعه".
(١٠) في (أ) " الواحد".
(١١) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ١٣٤).
(١٢) في (ب) "وكذلك".
(١٣) في (ب) "لا يؤخذ".
(١٤) في (ب) "الأقاويل".
(١٥) في (ب) "دون".