للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: إتلافها بعد الوجود (١) لكنْ فناؤها بعد الوجود لا يمنع إضافة الفناء إلى فعله إذا حصل عَقيب فعله، كما أن شراء القريب عندكم إعتاق (٢)، وهو كما اشترى عتق ومع ذلك يُضاف عِتقه إلى المشتري لوجوده عَقيب فعله، وكذلك المقتول ميِّت بأجله، ولكن (٣) أُضيف موته إلى القاتل حتى وجب جزاؤه لوجوده عَقيب فعله، قلنا: كيف يتصور إفناؤها وهي (٤) كما وجدت فنيت، وإفضاء الفاني لا يتصور.

[[المنافع تحصل في ملك الغاصب فيملكها]]

وأما الذي يُضاف إلى فعله فيما ذَكرت، قلنا: إنما يضاف إلى فعله إذا حصل عقيب فعله أن لو جاز ظاهرًا أن يبقى إذا لم يتصل فِعْل به، أما المنفعة بعد الوجود فنفيٌ لا محالة، فلا يمكن إضافة فنائها إلى فعله؛ لأن فعله إتلاف، وإتلاف الشيء بعد فنائه لا يصح كذا في طريقة بعض المشايخ (٥).

قوله (٦): (ولنا: أنها حصلت في ملك الغاصب) لأنها حدثت بفعله، وفعلُه كسبه، والكسبُ عِلَّة لثبوت الملك في المكسوب للكاسب؛ وذلك لأن المنفعة عبارة عن اللذة والراحة من دفع الحر والبرد وغيرهما تحصل بالانتفاع، والانتفاع (٧) فعله وكسبه، فكانت المنفعة ملكًا له.

[[سرعة فناء المنافع وبقاء الأعيان]]

وقوله (لحدوثها في مكانه) أي: في تصرفه وقدرته على وجهٍ صرفها إلى حاجته دون غيره، (ولأنها لا تُمَاثِل الأعيان لسرعة [فنائها وبقاء] (٨) الأعيان) أي: الأعيان ( … ) (٩) من المنافع لسرعة فناء المنافع وبقاء الأعيان، والمماثلة مشروطة في العدوان، قال الله تعالى: … {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ (١٩٤)} (١٠) ولذلك لا تُضمن المنافع بالأعيان التي هي الدراهم والدنانير (١١)، ألا ترى أن (١٢) المماثلة بين المنفعة (١٣) والمنفعة أظهر من المماثلة بين العين والمنفعة، ومع ذلك لا (١٤) تُضمن المنفعة بالمنفعة عند الإتلاف، حتى أن الحَجَرَ في خانٍ واحد على تقطيع واحد لا يكون منفعة أحديهما مِثْلًا لمنفعة أخرى عند الإتلاف، فلأنْ لا تُضمن المنفعة بالعين مع ظهور زيادة عدم المماثلة بينهما أولى (١٥).


(١) في (ع): (الدخول) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(٢) قال السرخسي: (قال: -صلى الله عليه وسلم- «من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر» وهذا لأن العتق صلة، وللملك تأثير في استحقاق الصلة شرعا حتى تجب الزكاة باعتبار الملك صلة للفقراء). المبسوط (٧/ ٩).
(٣) سقطت في (أ).
(٤) في (أ): (ومتى) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٧٩)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٣٤).
(٦) سقطت في (أ).
(٧) سقطت في (أ).
(٨) في (أ): (قيامه وبقيا) وما أثبت هو الصحيح. انظر: الهداية (٤/ ٣٠٤).
(٩) لم تتضح لي.
(١٠) سورة البقرة من آية (١٩٤).
(١١) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٥٥)، فتح القدير (٩/ ٣٥٦).
(١٢) سقطت في (أ).
(١٣) سقطت في (ع).
(١٤) في (ع): (لم) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٨٠).
(١٥) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٨٠)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٤٩).