للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[رهن العصير جائز]]

وحاصله أن رهن العصير جائز (١) كبيعه (٢)، فإذا تخمر وهما مسلمان: يفسد الرهن كالمسلم إذا اشترى عصيراً فتخمر قبل القبض يفسد (٣) الشرى (٤) فإذا فسد الرهن فللمرتهن أن يخللها (٥)، وليس للراهن أن يمنعها منه بالاسترداد؛ لأن بحدوث الخمرية تنعدم المالية والتقوم في حق المسلم بحيث لا يضمن بالإتلاف وذلك مسقط للدين، إلا أنَّ المرْتَهِنِ متمكن من إعادة المالية بالتخليل فلا يكون للراهن أن يبطل عليه ذلك بأخذها، (٦) فإذا خللها المرتهن أو صارت خلاًّ فقد عادت المالية وبعودها يعود حكم الرهن كما لو اشترى عصيراً فتخمر قبل القبض ثم تخلل بعده حيث يعود جائزا فكذا هذا إذا كانا مسلمين، ولو كانا كافرين يبقى الرهن جائزا ببقاء محلية (٧) الرهن (٨) في حق الراهن والمرتهن. ألا ترى أنَّ ابتداء العقد بينهما بالخمر جائز، فَلَأَن (٩) يبقى جائزا أولى، ولو كان الرَّاهن مسلمًا والمرتهن كافراً فتخمر يفسد الرهن؛ لخروج (١٠) العين من أن يكون محلاً للرهن في حق الراهن بعد التخمر وللمرتهن أن يخللها وليس للراهن أن يمنعه [منه] (١١) كما لو كانا مسلمين، وإن كان الراهن كافراً والمرتهن مسلمًا فتخمر فله أن يأخذ الرهن والدين على حاله وليس للمسلم أن يخللها؛ لأنَّ بحدوث صفة الخمرية لم تنعدم المالية في حقِّ الرَّاهن فقد فسد العقد؛ لأنَّ الطارئ بعد العيب (١٢) قبل حصول المقصود كالمقترن (١٣) بأصل العقد، والمسلم لو ارتهن خمراً من كافر لم يصح، فكذا إذا ارتهن عصيراً فتخمر يفسد العقد به، فإن خللها المسلم يضمن قيمتها يوم خللها لأنَّه صار غاصباً بما صنع وهو كما لو غصب خمر ذمي (١٤) فخللها حيث يضمن قيمتها والخل له، وتقع المقاصة إن كان دينه من جنس القيمة ويرجع بالزِّيادة إن كانت قيمة الخمر يوم خللها أقل من دينه، وصارت المسألة في الحاصل على أربعة أوجه مقسومة على القسمة العقلية.


(١) وفي (ب) (جاز).
(٢) قال بدر الدين العيني: رهن العصير جائز لبيعه بلا خلاف. البناية شرح الهداية (١٣/ ٥٠)، وقال ابن قدامة: ويجوز رهن العصير لأنه يجوز بيعه. المغني (٤/ ٢٢٤).
وينظر: منح الجليل (٥/ ٤٢٤)، الحاوي الكبير (٦/ ١٠٨)، نهاية المحتاج (٤/ ٢٥٩)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (٤/ ٣٨٨).
(٣) وفي (ب) (فسد).
(٤) وفي (ب) (الشرا).
(٥) وفي (ب) (يخللهما).
(٦) وفي (ب) (فأخذها).
(٧) وفي (ب) (المحلية).
(٨) وفي (ب) (للرهن).
(٩) في (أ) كُتِبَ تعليق بخط صغير مقلوب فوق كلمة فلأن (اللَّام للتأكيد وأن مصدرية وهي مع الفعل مبتدأ).
(١٠) وفي (ب) (بخروج).
(١١) زيادة في (ب).
(١٢) وفي (ب) (العقد) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(١٣) وفي (ب) (كالمقترل).
(١٤) الذمَّة: الأمان، والذميُّ: المعاهد الذي أعطى عهدا يأمن به على ماله و عرضه ودينه، وعلى جزيةٍ يؤدّيها. قال الزبيدي: ورجل ذمِّي أي: له عهْد. وقال الجوهَري: أهلُ الذِّمة: أهلُ العقْد. قلتُ: وهم الذين يُؤدُّون الجزْية من المُشْركين كلّهم. وسُمّي الذِّمِّي، لأنَّه يدْخُل في أمانِ المُسلمين. تاج العروس (٣٢/ ٢٠٥، ٢٠٦).
وينظر: تهذيب اللغة (١/ ٩٩)، الصحاح؛ للجوهري (٥/ ٢٠٤)، لسان العرب (٣/ ٣١٢)، المعجم الوسيط (١/ ٣١٥).