للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام التمرتاشي: والأصح أن صلاة الإمام لا تفسد؛ لأن الإمامة انتقلت منه من غير صنعه، وعلى هذا مسافر ومقيم يقضيان فائتة والمسافر هو الإمام فاحدث لا يصير المقيم إمامًا له، وإن كان خلفه جماعة لا يتعين أحدهم إلا بتقديم الإمام أو القوم أو يتقدمه فيقتدوا به، ولو استخلف الإمام رجلين أو هو رجلًا والقوم رجلًا (١) أو القوم رجلين أو بعضهم رجلًا، وبعضهم رجلًا فسدت (٢) صلاة الكل فإن خرج الإمام قبل تعيين الخليفة فسدت صلاة القوم، والإمام المحدث على إمامته ما لم يخرج من المسجد أو يقم خليفته مقامه أو يستخلف القوم غيره أو يتقدم بنفسه حتى صح الاقتداء به، ولو تأخر الإمام ليستخلف، فلبث في مكانه لينظر من يصلح فقبل أن يستخلف كبر رجل من وسط الصف للخلافة وتقدم فصلاة من كان إمامه فاسدة ومن خلفه جائزة وكذا لو استخلف الأمام رجلًا من وسط الصف فخرج الإمام قبل أن يقوم خليفته مكانه تفسد صلاة من كان أمامه، والله أعلم (٣).

[باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها]

وهذا الباب لبيان نوع من العوارض التي تعرض في الصلاة أيضًا فكان من جنس الباب المتقدم من حيث العوارض إلا أن بناء الأول في العوارض التي لا اختيار للمصلي فيه فكانت هي سماوية، وبناء هذا في العوارض التي للمصلي فيها اختيار فكانت هي مكتسبة، وقدم الأول على هذا لما أن السماوية أعرف في العارضية لما ذكر في «الوافي» (٤)، ومفزعه أي ملجأه يقال: فلان مفزع الناس أي: ملجأهم يستوي فيه الواحد والجمع، والمذكر والمؤنث إذا دهمهم أمر (٥).

قوله: فزعوا إليه ثم عند الشافعي (٦) إذا تكلم ناسيًا أو مخطئًا لا يستقبل الصلاة إلا إذا طال كلامه واحتج بقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} (٧)، وبالحديث المعروف وهو قوله عليه السلام: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (٨).


(١) في (ب): امراءة.
(٢) في (ب): فسد.
(٣) يُنْظَر: تبيين الحقائق: ١/ ١٥٤.
(٤) كتاب الوافي في اصول الفقه لحسام الدين السغناقي رحمه الله حقق جزء منه في جامعة أم القرى رسالة دكتوراه عام ١٤١٧ هـ.
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٩٥.
(٦) ينظر: أسنى المطالب في شرح روض الطالب (١/ ١٨٠)
(٧) سورة الأحزاب الآية (٥).
(٨) رواه ابن ماجه في سننه، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي، (٢٠٤٥) من حديث ابن عباس رضي الله عنه. قال الألباني: صحيح لطرقه انظر: مشكاة المصابيح ٣/ ١٧٧١.