للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولأنه لم يرض بزواله عن ملكه)

أي: ولأن البائع لم يرض بزوال المبيع عن ملكه.

(بأقل من المسمى)

ففي إمساك المشتري المبيع مع أخذ نقصان العيب يلزم ذلك، [أي: يلزم زوال المبيع عن ملك البائع بأقل من المسمى] (١) فيتضرر البائع، فلذلك لا يجوز ذلك.

فإن قيل: يشكل هذا بما إذا باع معيباً فإذا هو سليم، فلا خيار للبائع، وإن كان البائع يتضرر في تلك الصورة بثمن المعيب في السليم؛ لما أن الظاهر أنه نقص الثمن على ظن أنه معيب، فعلى ذلك ينبغي أن لا يثبت الخيار للمشتري ههنا إذا ظهر السليم معيباً، إن كان يتضرر به المشتري، أو يثبت الخيار هناك للبائع (٢)، كما يثبت للمشتري ههنا.

قلنا: المبيع كان في يد البائع وتصرفه وممارسته طول زمان فأنزل عالِماً بصفة ملكه، فلا يكون له الخيار، وإن ظهر بخلافه، وأما المشتري؛ فإنه ما رأى المبيع أصلاً، فلو قلنا بلزوم العقد مع العيب يتضرر المشتري من غير علم حصل له به، فيثبت له الخيار.

(والمراد عيب كان عند البائع ولم يره المشتري عند البيع)

وأما إذا رآه المشتري عند الشراء فاشتراه كان راضياً به فلا يثبت له الخيار (٣)، وكذلك أن يبرأ (٤) البائع منه؛ لأنه استثناء من العقد فلم يبق صفة السلامة مستحقه له.

فليس ذلك بعيب حتى يعاوده بعد البلوغ

[[ما يكون عيبا يوجب النقصان]]

[أي: الموجود قبل البلوغ في يد البائع إذا وجد في يد المشتري بعد البلوغ] (٥) فليس ذلك بعيب، يعني أن البول، والإباق عيب ما لم يبلغ (٦)، بأن كان عبداً صغيراً بال في الفراش فباعه، وبال في يد المشتري أيضاً وهو صغير يرده، حتى إذا بلغ في يد المشتري وعاود البول لا يرده؛ لأنه عيب حادث، وأما إذا كان كبيراً في يد البائع، وبال في الفراش ثم باعه فعاوده في يد المشتري يرده؛ لأن العيب واحد، وهو معنى قوله: حتى يعاوده بعد البلوغ، وحاصل ذلك أن إيجاد الحالين شرط في المعاودة، سواء كان قبل البلوغ أو بعد البلوغ، على ما ذكر من الكتاب (٧).

وذكر في الإيضاح (٨) والسرقة والبول في الفراش، في حالة الصغر قبل أن يأكل وحده ويشرب وحده [ليس بعيب؛ لأنه لا يعقل ما يفعل، وبعد ذلك هو عيب ما دام صغيراً (٩)، وكذا الإباق.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٢) "أيضاً" زيادة في (ب).
(٣) قوله في الهداية: "لأن ذلك رضا به". الهداية (٣/ ٩٦٢).
(٤) "بين" في (ب).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٦) قوله في الهداية: "والإباق والبول في الفراش، والسرقة في الصغير: عيب ما لم يبلغ" الهداية (٣/ ٩٦٢).
(٧) مختصر القدوري (ص ٨٢).
(٨) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ١٠٨)، تحفة الفقهاء (٢/ ٩٥).
(٩) قوله في الهداية: "إذا ظهرت عند البائع في صغره ثم حدثت عند المشتري في صغره فله أن يرده؛ لأنه عين ذلك، وإن حدثت بعد بلوغه لم يرده؛ لأنه غيره، وهذا؛ لأن سبب هذه الأشياء يختلف بالصغر والكبر، فالبول في الفراش في الصغر لضعف المثانة، وبعد الكبر لداء في باطنه" الهداية (٣/ ٩٦٢).