للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمّد/ في "الأصل": لو آجر المسلم دارًا من ذمي ليسكنها فإن شرب فيها الخمر أو عبد فيها الصّليب لم يلحق المسلم إثمٌ {في} (١) شيء من ذلك؛ لأنّ المعصية في قصد المستأجر دون قصد ربّ الدّار فلا إثم عليه (٢).

وذكر الإمام السّرخسي/ في باب الإجارة الفاسدة: وهو كمن باع جارية ممّن لا يستبرئها أو يأتيها في غير المأتى لم يلحق البائع إثمٌ بشيء من فعل المشتري، وكذا قال فيمن باع غلامًا من فاسق يقصد الفاحشة به (٣).

ولو كان مستأجر الدّار مسلمًا فظهر منه فسق في الدّار، وكان يجمع النّاس على الشرب فيها، منعه ربّ الدار على سبيل النهي عن المنكر، فإنّه فرض على كلّ مسلم صاحب الدار وغيره فيه سواء، وليس لرب الدّار أن يخرجه منها مسلمًا كان أو ذميًا؛ لأنّ عقد الإجارة لازم لا يفسخ إلا بعذر، والعذر ضررٌ يزول بفسخ الإجارة وهذا ليس من ذلك، {أرأيت لو كان باعه الدّار كان يفسخ البيع بما ظهر منه لا سبيل له إلى ذلك} (٤) فكذا الإجارة، كذا ذكره فخر الإسلام والمحبوبي (٥).

[وضْعُ المال عند البقَّال خوفاً من ضياعه، بِقَصْد التَّمَوُّن]

(ومن وضع درهمًا عند بقّال يأخذ منه ما شاء يُكْره له ذلك) (٦)، ومعنى المسألة: [أن رجلاً فقيرًا] (٧) له درهم يخاف أن لو كان في يده يهلك أو يصرف إلى حاجة، لكن حاجته إلى المعاملة مع البقال أمَسُّ من غيرها، كما في شراء التوابل والملح والكبريت، وليس له فلوس حتّى يشتري بها ما [يُسْتَحَبُّ] (٨) له من الحاجة كلّ ساعة، فيعطى [الدّراهمَ] (٩) البقَّال لِأَنْ يأخذ منه ما يحتاج إليه مما ذكرنا بحسابه جزءًا فجزءًا حتّى يستوفي ما يقابل [الدّراهم] (١٠)، وهذا الفعل منه مكروه؛ لأنّ حاصل هذا الفعل راجع إلى أن يكون هو قرضًا فيه جَرُّ نفْعٍ وهو مكروه (١١).


(١) سقطت من (أ).
(٢) يُنْظَر: الأصل للشيباني (٤/ ١٧)، المبسوط للسرخسي (١٦/ ٣٩)، المحيط البرهاني البرهاني في الفقه النعماني (١١/ ٣٤٨).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٦/ ٣٩)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٢١)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٢٩).
(٤) مابين المعقوفتين سقط من (ب).
(٥) يُنْظَر: الأصل للشيباني (٣/ ٤٦٥)، المبسوط للسرخسي (١٥/ ١٣٥).
(٦) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٤).
(٧) في (ب): (فقيرٌ له درهمٌ).
(٨) في (ب): (اسْتُحِبَّ).
(٩) في (ب): (الدِّرْهم).
(١٠) في (ب): (الدرهم).
(١١) يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٥/ ٣٦٨)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٢٩ - ٣٠)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٣٢).