للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هل لأهل مكة وسكانها ميقات؟]

(ومَنْ كانَ داخلِ الميقاتِ لهُ أنْ يدخلَ مكةَ بغيرِ إحرام) (١)، وهذا عندنا، وفي أحد قولي الشافعي (٢) -رحمه الله-: ليس له ذلك، فإنه لا يفرّقُ على أحدِ القولين بين أهل الآفاقي (٣) وبين أهل الميقات في أنه لا يدخل منهم مكة إلا محرمًا، وحجتنا في ذلك حديث ابن عباس: «أن النبي عليه السلام رخَّصَ للحطَّابين (٤) أن يدخلوا مكة بغير إحرام» (٥)

والظاهر: أنهم لا يجاوزون الميقات، فدلّ أن كل من كان داخل الميقات له أن يدخل مكة بغير إحرام، ولو خرج المكِّي من مكّة لحاجة له فبلغ الوقت، ولم يجاوزه حتى عاد، فله أن يدخل مكة بغير إحرام، ولو جاوز الوقت لم يكن له أن يدخل مكة إلا بإحرام لما بيَّنا أن من وصل إلى موضع فحاله في الإحرام كحال أهل ذلك الموضع كذا في مبسوطي شمس الأئمة، وفخر الإسلام، وإتمامها أن يحرم بهما (٦) من دويرة أهلك، كان شيخي -رحمه الله- كثيرًا ما يقول: إن ذكر الدار هاهنا بلفظ التصغير بمقابلة تعظيم بيت الله تعالى، يعني: أن بيت الله تعالى معظّم، وغيره من البيوت مصغّر.

معناه، أي: الحل الذي بين المواقيت وبين الحرم؛ لأنه يجوز إحرامه من دويرة أهله، وهذا الدليل لبيان ما ادّعاه في معنى الحل بأن المراد من الحل المطلق في قوله:


(١) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٣)
(٢) انظر: النووي في "المجموع" (٧/ ٩).
(٣) الآفاقي: نسبة إلى الآفاق جمع أفق، والمراد به من كان خارج المواقيت المكانية للحرم، ويرى البعض أن الصواب في النسبة أن يُقال: أُفُقي أو أَفَقي.
انظر: معجم لغة الفقهاء (١٤)، التعريفات الفقهية (١٥٢)، المغرب (١/ ٤١).
(٤) حطب: الحَطَبُ معروف، تقول منه: حَطَبْتُ واحتطبتُ، إذا جمعته. ويقال لمن يتكلم بالغث والسمين: حاطب لَيْلٍ، لأنّه لا يبصر ما يجمع في حَبْلِهِ.
انظر: جمهرة اللغة/ مادة حطب (١/ ٥٥٦).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة: في "مصنفه" (٤/ ١/ ٢١١) بسنده عن ابن عباس موقوفاً بلفظ: «لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ، إِلَّا الْحَطَّابِينَ والحمالين وَأَهْلَ مَنَافِعِهَا» وأسنده الطحاوي في شرح معاني الأثار (٢/ ٢٦٣) عن علي بن الحكم، عن عطاء، قال: «لايدخل أحد الحرم إلا بإحرام، فقيل ولا الحطابون؟، قال: ولا الحطابون، قال: ثُمَّ بلغني بعد ذلك أنه رخص للحطابين».
(٦) ساقطة من (ج).