للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ويقف عند الجمرتين).

[أي]: الجمرة الأولى، والوسطى، فإنه لا يقف عند الثالثة، وذكر في «المبسوط» (١)، وفي الحديث المشهور (لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن: عند افتتاح الصلاة، وعند القنوت في الوتر، وفي العيدين، وعند استلام الحجر، وعلى الصفا والمروة، وبعرفات، وبجمع، وعند المقامين عند الجمرتين) (٢)، فهذا دليل على أنه إنما يقيم عند الجمرتين الأولى، والوسطى، ولا يقيم عند جمرة العقبة.

(وإذا كان من الغد رمى الجمار الثلاث) (٣).

وهو اليوم الثالث من أيام النحر.

(وإن أراد أن يتعجل النفر نفر إلى مكّة) (٤).

أي وإن أراد أن يتعجل الذهاب، والخروج من منى إلى مكة في اليوم الثالث من أيام النحر يجوز [له] (٥) أن يذهب. من نَفَرَ الحاج نَفْرًا إذا خرجوا من منًى يقال: يوم النفر الأول، وهو اليوم الثالث من أيام النحر، ويوم النفر الثاني، وهو آخر أيام التشريق، وهو اليوم الرابع للنحر الأول أيضًا.

فمن تعجل في يومين، وهما اليوم الثاني والثالث من أيام النحر.

(ومن تأخر)، أي: إلى اليوم الرابع {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} (٦).

أي: الله تعالى، فإن قلتَ: التعجل رخصة، والتأخر عزيمة، والعمل بالعزيمة أولى على ما ذكر في/ الكتاب بقوله: (والأفضل أن يقيم).

ثُمَّ قرن الله تعالى التقوى بالفعل بالعزيمة دون فعل الرخصة، والقياس يقتضي أن يقرن بفعل الرخصة، ولأنه لما لم يكن عليه إثُمَّ عند فعل الرخصة، فكان الأولى ألّا يكون عليه إثُمَّ [عند] (٧) فعل العزيمة، فما فائدة تقييد فعل العزيمة بالتقوى؟

[تعجيل الرمي والرمي لمن تعجل]

قلتُ: قوله: (لمن اتقى) يتعلق بهما جميعًا، أي: ذلك التخيير، ونفي الإثم عن المتعجل، والمتأخر لأجل الحاج المتقي؛ لئلا يتحاجج في قلبه شيء منهما، فبحسب أن إحداهما يرهق صاحبه آثامٌ في الإقدام عليه، وإنما خص المتقي؛ لأن ذا التقوى حَذِرٌ متُحذر من كل ما يريبه أو لأنه المنتفع به دون من سواه؛ لأنه هو الحاج على الحقيقة عند الله تعالى كقوله تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} (٨)، إلى هذا أشار في «الكشاف» (٩).


(١) انظر: المبسوط (٤/ ٢٣).
(٢) لم أقف عليه بهذا اللفظ وقد ورد متفرقاً دون ذكر (القنوت والوتر والعيدين) عند البزار (كشف الأستار ١/ ٢٥١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٢/ ١٧٦)، والطبراني في المعجم الكبير (١١/ ٣٨٥)، والبيهقي في السنن (٥/ ٧٢) من حديث ابن عباس. وهو حديث ضعيف، انظر الكلام عليه في نصب الراية (١/ ٣٩٠)، والدراية (١/ ١٤٨)، والسلسلة الضعيفة رقم (١٠٥٤).
قلت: والمتن الذي ذكره المؤلف رحمه الله فيه ثمانية.
(٣) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٦)
(٤) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٧)
(٥) أثبته من (ج).
(٦) سورة البقرة من الآية (٢٠٣).
(٧) أثبته من (ب).
(٨) سورة الروم من الآية (٣٨).
(٩) الكشاف عن حقائق وغوامض التنزيل (١/ ٢٥٠).