للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا الوِكَالة والوصيَّة والأموال؛ فإنَّه يجري فيها كتاب القاضي إلى القاضي، والشَّهادة على الشَّهادة، فبداية ثبوتها مع الشُّبهات، فيثبت بذلك شهادة النِّساء أيضاً، وإن كان فيها شبهة البدليَّة، إذ الشبهة تثبت بالشُّبهة، كحرمة النِّساء تثبت مع أحد وصفَي علَةِ الرِّبا، وقد ذكرناه في الرِّبا.

[في تخصيص النساء بالشهادة]

«وتُقبَل في الولادة، والبَكارة، والعيوب بالنساء في موضع لا يطَّلع عليه الرجال شهادةُ امرأةٍ واحدةٍ» (١).

ثمَّ اعلم أنَّه ذكر ههنا ثلاثة أشياء، ثُمَّ خَصَّ شهادة امرأةٍ واحدةٍ.

وهذا التَّخصيص صحيحٌ في حقِّ البَكارة لا في حق الولادة والعيوب، فإنَّ شهادة رجلٍ واحدٍ تُقبَل أيضاً فيهما؛ لأنَّه ذكر في الإيضاح مطلقاً بقوله: وتُقبَل شهادة رجلٍ واحٍد على الولادة؛ لأنَّه إذا جاز قَبُول شهادة امرأةٍ واحدةٍ فقَبُول شهادة رجلٍ واحدٍ أولى (٢).

وكذا ذكر في باب شهادة النِّساء من شهادات المبسوط (٣).

وقال: «ولم يذكر في الكتاب أنَّه لو شهد بذلك» (٤)؛ أي: بالولادة والعيب في موضع لا يطَّلع عليه الرجال رجلٌ واحدٌ.

«بأن قال: فاجأتها فاتفق نظري إليها.

والجواب: أنَّه لا يمتنع قَبُول شهادته إذا كان عَدلاً في مثل هذا الموضع.

ثمَّ الصَّحيح أنَّه لا يشترط العددُ؛ لأنَ شهادة الرجل أقوى من شهادة المرأة، فلمَّا ثبت المشهود به ههنا شهادة امرأةٍ واحدةٍ؛ فبشهادة رجل واحد أولى.

وقد قال بعض مشايخنا: إنَّه قال: وإن قال تعمدتُ النَّظر، تُقبَل شهادته، وفي ذلك كما في الزِّنا» (٥).

«وأمَّا الاستهلال (٦) فإنِّي لا أقبل فيه شهادة النِّساء إلا في الصَّلاة عليه، وأمَّا في الميراث، فلا أقبل في ذلك أقلَّ من رجلين، أو رجل وامرأتين في قول أبي حنيفة - رحمه الله -.

وقال أبو يوسف ومحمد- رحمهما الله-: تُقبَل في ذلك شهادة امرأةٍ واحدةٍ حرةٍ مسلمةٍ عدلَةٍ» (٧).


(١) الهداية (٣/ ١١٧).
(٢) يُنظر: المبسوط (١٦/ ١٤٤)، بدائع الصنائع (٦/ ٢٧٨).
(٣) يُنظر: المبسوط (١٦/ ١٤٤).
(٤) المبسوط (١٦/ ١٤٤).
(٥) المبسوط (١٦/ ١٤٤).
(٦) الاستهلال: مصدر استهل، واستهل الهلال: ظهر، واستهلال الصبي: أن يرفع صوته بالبكاء عند ولادته، وكل شيء رفع صوته فقد استهل، وبه سمي الهلال هلالاً، لرفع الناس أصواتهم عند رؤيته، والاهلال بالحج: رفع الصوت بالتلبية.
ينظر: أساس البلاغة للزمخشري (٧٠٠)، مادة: «هلل»، طلبة الطلبة للنسفي (ص ٨٨)، معجم لغة الفقهاء (ص ٦٦).
(٧) المبسوط (١٦/ ١٤٤).