للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إذن المَوْلى لعبده في التجارة وقبول قوله فيها وفي الهدايا]

(ويجوز أن يُقْبَلَ في الهديّة والإذن قول العبد) (١)، أي: في أن [يجعل] (٢) المولى عبْدَهُ مأْذونًا في التجارة (٣).

وقوله: (لِمَا قلنا) (٤) راجع إلى قوله: (لأنّ الهدايا تبعث عادة على أيدي هؤلاء) (٥)، إلى آخره.

[خبَر وقول المستور في الديانات]

(جرياً على مذهبه (٦) أنّه يجوز القضاء به) (٧)، فإنّ المستور في هذا الخبر كالعدل عنده، وهو ظاهر على مذهبه، فإنّه يجوز القضاء بشهادة المستورين إذا لم يطعن الخصم (٨).

(وفي ظاهر الرّواية: هو والفاسق سواء) (٩)، وهو الأصحّ؛ لأنّه لابدّ من اعتبار أحد شرطي الشهادة ليكون الخبر ملزمًا، وقد سقط اعتبار العدد فلم يبق إلا اعتبار العدالة، وإذا ثبت أنّ العدالة شرطٌ؛ قلنا: ما كان شرطًا لا [يُكتفى] (١٠) بوجوده ظاهراً؛ كمن قال لعبده: إن لم تدخل الدّار اليوم فأنت حرٌّ، [ثم مضى] (١١) اليومُ فقال العبد: لم أدخل، وقال المولى: دخلتَ، فالقول قول المولى؛ لأنّ عدم الدّخول شرطٌ فلا يكفي ثبوته ظاهراً لنزول العتق (١٢).

[قول العبد والحُرِّ والأَمَة في الديانات]

(ويُقْبَل فيها) (١٣)، أي: في الدّيانات (قول العبد والحُرِّ والأَمَةِ) (١٤)؛ لأنّ في أمور الدّين خبر العبد كخبر الحُرِّ كما في رواية الأخبار؛ وهذا لأنّه يلتزم بنفسه ثم يتعدى منه إلى غيره فلا يكون هذا من باب الولاية على الغير (١٥)، وبالرِّقِّ يخرج من أن يكون أهلاً للولاية، فأمّا [ما] (١٦) فيه التزام يستوي العبد والحُرُّ لكونه مخاطباً، ورواية النِّساء من الصّحابة كانت مقبولة كرواية الرِّجَال، قال -عليه السلام-: «إِنَّكُمْ تَأْخُذُوْنَ ثُلُثَيْ دِيْنِكُمْ مِنْ عَائِشَةَ» (١٧)، هذا كلّه [في] (١٨) "المبسوط" (١٩).


(١) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢١).
(٢) في (أ): (جعل).
(٣) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٢/ ٧٣)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (١/ ٣١١).
(٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٧٩).
(٥) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٦) الضمير هنا يرجع إلى أبي حنيفة وذلك لقوله قبل هذه الجملة: (ولا يقبل فيها قول المستور في ظاهر الرواية، وعن أبي حنيفة/: أنه يقبل قوله فيها). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٧٩).
(٧) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٧٩).
(٨) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٦٣)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٧/ ٤٧٧)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٠).
(٩) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٧٩).
(١٠) في (ب): (يكفي).
(١١) في (ب): (فمضى).
(١٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٦٣)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٧/ ٤٧٧)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٠).
(١٣) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢١).
(١٤) يُنْظَر: المرجع السابق.
(١٥) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٦٣)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٧/ ٤٧٦)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١١).
(١٦) في (ب): (فيما).
(١٧) هذا الحديث أُوْرِدَ هُنَا بالمعنى، وقد جاء بألفاظ متعددة منها: «خُذُوْا ثُلُثَ دِيْنِكُمْ مِنْ بَيْتِ الْحُمَيْرَاءِ»، «خُذُوْا ثُلُثَ دِيْنِكُمْ مِنْ بَيْتِ الْحُمَيْرَاءِ عَائِشَةَ»، «خُذُوْا شَطْرَ دِيْنِكُمْ عَنْ الْحُمَيْرِاءِ»، قال ابن حجر: لا أعرف له إسنادًا، ولا رأيتُهُ في شيء من كتب الحديث إلا في "النهاية" لابن الأثير ذكره في مادة "ح م ر"، ولم يذكر من خرَّجه، ورأيتُهُ في "الفردوس" بغير لفظه، وذكره عن أنس بغير إسناد بلفظ: «خُذُوْا ثُلُثَ دِيْنِكُمْ مِنْ بَيْتِ الْحُمَيْرَاءِ». يُنْظَر: كشف الخفا ومزيل الإلباس للعجلوني (١/ ٤٣١).
- وقال ابن القيم: وكل حديث فيه «يَاحُمَيْرَاءُ» أو ذِكْرُ «الْحُمِيْرَاءِ» فهو كَذِب مُخْتَلَق. يُنْظَر: المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن القيم (ص ٦٠).
- وقال الملا علي القاري: لا يُعْرَفُ له أصل. يُنْظَر: المصنوع في معرفة الحديث الموضوع (ص ٩٨).
- وقد أورده الديلمي في فردوس الأخبار (٢/ ٢٦٥) باب (الخاء) برقم (٢٦٥٠) بدون إسناد: عن أنس بن مالك بلفظ: «خُذُوْا ثُلُثَ دِيْنِكُمْ مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ»، وقال في كشف الخفاء: قال القاري: لكن في الفردوس من غير إسناد «وَخُذُوْا ثُلُثَ دِيْنِكُمْ مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ»، لكن معناه صحيح. يُنْظَر: كشف الخفا ومزيل الإلباس للعجلوني (١/ ٤٣١).
(١٨) في (أ): (من).
(١٩) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٦٣)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٧/ ٤٧٦).