للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلتَ: يشكل على هذا الإطلاق [ما لو] (١) كان المسموع حسه سمكة، فظنه طير الماء، أو كان ذلك الحس حسّ جراد، فظنه صيدًا فأصاب الرّمي الصّيد لم يؤكل الصّيد، والمسألة في [الْمُغْني] (٢) (٣)، مع أن السّمكة والجراد من جملة الصّيود.

قلتُ: كان من حق لفظ الكتاب (٤) أن يزاد قيد آخر ويُقال: (ثم تبين بأنّه حس صيد يحتاج في حل أكله إلى الذّبح أو الجرح)، وترك ذلك لتسارع [أفهام النّاس] (٥) في الاصطياد إلى ما يشترط ذبحه أو جرحه من الصّيود (٦).

ثم لَمَّا ظهر أن المسموع حسُّهُ سمكة أو جَرَاد إنما لم يؤكل المصاب؛ لأنّه لا يقع عليهما الذكاة، والرّمي إليهما وتركه سواء، فلو ترك الرّمي ثم وجد [الصّيد] (٧) ميتًا لم يحل أكله، فكذا إذا رماه فوجده ميتًا، إلى هذا أشار في "الذّخيرة" (٨).

[سمع حِسَّاً فظنَّه حِسَّ خنزير، أو ما لا يُؤكَل]

(وعن أبي يوسف/ أنه خصّ من ذلك الخنزير) (٩) أي: إذا كان الحسّ حسّ خنزير لا يحل تناول ما أصابه من الصّيد، بخلاف سائر السّباع؛ لأنّ فعله في سائر السّباع [مؤثر] (١٠) في طهارة الجلد، فجاز أن يؤثر في [إباحة] (١١) لحم ما أصابه، كذا في "الذّخيرة" و"المحيط" (١٢) (١٣).


(١) في (أ): (أمَّا لو).
(٢) في (أ): (المعنى).
(٣) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥٦)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٣٦).
(٤) الكتاب: المراد به هنا "بداية المبتدي"، وذلك عند قوله: (وَمن سمع حسا فَظَنهُ حس صيد فَرَمَاهُ، أَو أرسل كَلْباً أَو بازياً عَلَيْهِ فَأصَاب صيداً، ثمَّ تبين أَنه حس صيد: حل الْمُصَاب). يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٩).
(٥) في (ب): (أحكام الناس أفهام الناس).
(٦) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٥٦)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٣٦)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٤٧٥).
(٧) في (أ): (الصيود).
(٨) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٣٧)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٣٦).
(٩) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٤٧).
(١٠) في (ب): (يُؤثِّر).
(١١) في (ب): (إصابة).
(١٢) المحيط: هو كتاب "المحيط البرهاني في الفقه النعماني"، لأبي المعالي، محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر ابن مازه البخاري، برهان الدين، الْمُتَوَفَّى سنة ٦١٦ هـ، جمع فيه مسائل "المبسوط" و "الجامعين" و"السير" و"الزيادات" و"النوادر" و"الفتاوى" و"الواقعات"، مُدَلَّلة بدلائل المتقدمين، وقد اختصره مؤلفه في كتابه "الذخيرة"، والكتاب مطبوع عِدَّة طبعات، من أجودها طبعة إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، بكراتشي، بباكستان سنة ١٤٢٤ هـ. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٦١٩)، الأعلام للزركلي (٧/ ١٦١).
(١٣) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٣٧)، المبسوط للسرخسي (١٢/ ٢١)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣٣٦ - ٤٣٧).