للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن سُرق المذبوح لم يكن عليه شيء؛ لأن الذبح قد بلغ محله، ووجوب التصدق كان متعلقًا بالعين، فيسقط بهلاك العين كما إذا هلك مال الزكاة سقطت عنه الزكاة، وإن سرق قبل الذبح فعليه بدله؛ لأنه ما بلغ محله بعد، وهو نظير الأضحية (١) الواجبة إذا سرقت قبل الذبح، فعلى صاحبها مثلها. كذا في «المبسوط» (٢)، والله أعلم بالصواب.

فصلٌ جناية الجماعِ

لما شرع في بيان الجنايات ذكر كل نوع منها بفصل على حدة، فقدم جناية الجماع، ودواعيه على غيره؛ لأنه هو المهم في الباب إذ به يفسد الحجّ بخلاف سائر الجنايات، وأما تقديم التطيب، واللبس عليه؛ لأن ذلك كالوسيلة للجماع.

(وفي «الجامع الصغير» (٣) يقول: إذا مسّ بشهوة فأمنى).

وإنما عاد لفظ «الجامع الصغير» (٤) لشرط الإمناء مع المس بشهوة في حق وجوب الدم، وفي «الجامع الصغير» (٥) لقاضي خان، وذكر في الأصل المس ولم يشترط الإمناء.

(والصحيح ما ذُكر هنا) أي: في «الجامع الصغير» (٦) حتى يكون جماعًا من وجه، ولكن ذكر في «المبسوط» (٧)، ويجب الدم في الجماع فيما دون الفرج، فأما إذا أنزل فغير مشكل، وكذلك إذا لم ينزل عندنا، وللشافعي (٨) -رحمه الله- قول: إنه لا يلزمه شيء إذا لم ينزل على قياس الصوم، فإنه لا يلزمه شيء إذا لم ينزل [بالتقبيل] (٩) فكذا الحجّ، ولكنا نقول: الجماع فيما دون الفرج من جملة الرفث فكان منهيًا بسبب الإحرام، وبالإقدام عليه يصير مرتكبًا محظور إحرامه فيلزمه الدم، وهكذا ينبغي في الصوم إلا أن الشرع، ورد بالرخصة في التقبيل هناك، ثُمَّ المحرم هناك قضاء الشهوة، ولا يحصل ذلك بالتقبيل بدون الإنزال، وهاهنا المحرم الجماع بدواعيه.

(والتقبيل من جملته في جميع ذلك) أي: لمس امرأته بشهوة فأنزل، أو قبّل امرأته بشهوة فأنزل.


(١) الأضحية: أوالضحية اسم لما يذبح من الابل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق بقصد التقرب إلى الله تعالى، ويقال فيها: أضحية بضم الهمزة وكسرها وأضحاة وضحية، انظر: فقه العبادات، الحج، (١٥٤).
(٢) انظر: المبسوط (٤/ ٧٥).
(٣) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٤٢).
(٤) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٤٢).
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٤٢).
(٦) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٤٢).
(٧) انظر: المبسوط (٤/ ١٢٠).
(٨) انظر "المجموع" للنووي (٧/ ٤٢١) و"مغني المحتاج" للخطيب في (٢/ ٦٠).
(٩) أثبته من (ب).