للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[دية الأسنان]]

وبهذا الذي ذكره احترز عن قول (١) من فضَّل الطَّواحن على الضَّواحك؛ [لأنه ذكر في المبسوط ويستوفى (٢) في ذلك الأنياب والنواجذ والطواحن والضواحك ومن الناس من فضل الطواحن على الضواحك] (٣) لما فيها من زيادة المنفعة ولسنا نأخذ بذلك؛ لأنَّ النَّبي -عليه السلام- قال: «فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ (٤) (٥) من غير تفصيل (٦) ثم إن كان في بعضها زيادة منفعة ففي بعضها زيادة جمال والجمال في الآدمي كالمنفعة حتى قيل: إذا قلع جميع أسنانه فعليه ستة عشر ألفاً -أي من الدَّراهم-؛ لأنَّ الأسنان اثنان وثلاثون فإذا وجب في كلِّ سن نصف عشر الدية خمسمائة بلغت الجملة ستة عشر ألفاً وليس في البدن جنس عضو يجب بتفويته أكثر من مقدار الدية سوى الأسنان فإذا قلع جميع أسنان الكوسج (٧) فعليه أربعة عشر ألفاً لأن أسنانه تكون ثمانية وعشرين.

هكذا حُكِيَ أن امرأة قالت لزوجها: يا كوسج، فقال: إن كنتُ كوسجًا فأنتِ طالق. فسُئِل أبو حنيفة -رحمه الله- عن ذلك فقال: تُعد أسنانه فإن كانت اثنتين وثلاثين فليس بكوسج وإن كانت ثمانية وعشرين فهو كوسج (٨).

(لأَنَّ المُتَعَلِّقَ تَفْوِيْتُ جِنْسِ المَنْفَعَةِ (٩) أي: الموضع الذي يتعلق به وجوب كل الدية هو تفويت جنس المنفعة.

فإن قلت: قد ذكرت قبل هذا من رواية «المبسوط»، والتمرتاشي، أنَّ في قطع اليد الشَّلاء وفَقء العين القائمة العوراء حكومة عدل (١٠).


(١) وفي (ب) (احتراز بقول).
(٢) كذا في (ب)، والصواب (ويستوي) كما جاء في المبسوط.
(٣) زيادة في (ب).
(٤) رواه ابن ماجه (٢/ ٨٨٥)، في (كتاب الديات)، في (باب دية الأسنان)، برقم (٢٦٥١) عن ابن عَبَّاسٍ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أَنَّهُ قَضَى في السِّنِّ خَمْسًا من الْإِبِلِ». ورواه أبو داود (٤/ ١٨٩)، في (كتاب الديات)، في (باب ديات الأعضاء)، برقم (٤٥٦٤)، بلفظ «في كل سن خمس من الإبل»، ورواه النسائي (٤/ ٢٤٥)، في (كتاب القسامة)، في (باب عقل الأصابع)، برقم (٧٠٥٨)، بلفظ «وفي السن خمس من الإبل». وهذا الحديث قطعة من كتاب عمرو بن حزم وتقدم الكلام فيه.
(٥) بداية المبتدي (٢٤٥).
(٦) وفي (ب) (تفضيل).
(٧) قال الأصمعي: الكوسج: الناقص الأسنان. يُنْظَر: جمهرة اللغة (٢/ ١١٧٨)، المخصص (١/ ١٣٠).
(٨) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٧١).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٢).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٨٠).