للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الملازمة أشد من الحبس]]

(ولو دخل داره لحاجته لا يَتْبَعُه بل يجلس على باب داره) وقد ذكرنا من «الذخيرة» (١) آنفًا أن هذا الذي ذكره من عدم الدخول في بيته فيما إذا لم يكن لصاحب الدين ما يكفي حاجته من الطعام، وموضع الخلاء إذا كان الدخول لأجلهما، وأما إذا كان، فَلَه ولاية المنع من الدخول في بيته، وذكر فيها أيضًا مجالًا إلى الزيادات (٢): أن المطلوب إذا أراد أن يدخل في بيته، فإما أن يأذن المدَّعِي في الدخول معه أو يجلس معه على باب الدار؛ لأنه لو تُرك حتى يدخل الدار وحده إنما يهرب من جانب آخر فيَفوت ما هو المقصود من الملازمة؛ (لأنه أبلغ في حصول المقصود)، أي: لأن كون (الخيار إلى الطالب لاختياره الأضيق عليه)، أي: على المطلوب وهو المديون، يعني: لمَّا إلى المطلوب الملازمة عُلم أنها كانت أضيق عليه وأشد من حبسه، وكانت هي أكثر إمضاء إلى الضَّجر، وشدة الضَّجر تَحمله إلى قضاء الدين، وهو المقصود؛ فلذلك كان خيار ربِّ الدين الملازمة، فيجيب القاضي إلى ما اختاره الطالب لذلك، وإنما كانت الملازمة أشد من الحبس؛ لأن ملازمة من لا يجانسه أشد من كل شديد، وكانت أشد من الحبس (٣).

[[إفلاس المشتري]]

(ومن أفلس وعنده) أي: عند المفلس (متاع لرجل بعينه ابتاعه منه) أي: اشترى ذلك المتاع هذا المفلس من ذلك الرجل المعْنِي، (وقال الشافعي (٤) - رحمه الله-: يحجر القاضي (٥) على المشتري) حتى لا يصحُّ تصرفه بالبيع وغيره (بطلبه): أي: يطلب البائع الحجر من القاضي؛ ذكر هذه المسألة في «المبسوط» (٦) في باب قبض المشتري بإذن البائع، وهو آخر أبواب بيوعه، وذكر في «الأسرار» (٧) (٨) في منتصف كتاب البيوع في فصل الخيار الذي هو غير ثابت عندنا (٩)، فقال في «المبسوط» (١٠): (وإذا أفلس المشتري بالثمن إن لم يكن البائع سلَّم العبد إليه فله أن يحبسه إلى أن يستوفي الثمن، وإن كان سلَّم المبيع إليه فليس له أن يسترده، ولكنه صار أسوة لغرماء المشتري فيه، وليس له أن يفسخ البيع عندنا).


(١) انظر: المحيط البرهاني (٨/ ٢٤٠)، قره عين الأخيار (٨/ ٦٢).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٠/ ٧٦)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٠).
(٣) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٧٣)، الجوهرة النيرة (١/ ٢٤٧).
(٤) انظر: الحاوي الكبير (٦/ ٢٦٤)، المجموع (١٣/ ٣٠٠)، تحفة المحتاج (٥/ ١٤٤)، نهاية المحتاج (٤/ ٣٣٦).
(٥) سقطت في (ع).
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ١٩٢).
(٧) الأسرار في الأصول والفروع؛ لأبي زيد عبيد الله بن عمرو بن عيسى الدبوسي، البخاري، المتوفى سنة ٤٣٠ هـ، والدبوسي أول من وضع علم الخلاف وأبرزه، وكتاب الأسرار من أهم كتب الفقه، والخلاف عند الحنفية، وقد حقق أجزاء منه في عدد من الرسائل العلمية بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة. انظر: كشف الظنون (١/ ٨١)، تاج التراجم (١٩٢).
(٨) انظر: الأسرار للدبوسي (١/ ٣٧١).
(٩) وهو خيار المجلس غير ثابت. انظر: الأسرار للدبوسي (١/ ٣٧١)، شرح الطحاوي للجصاص (٣/ ٥)، بدائع الصنائع (٥/ ٢٢٨).
(١٠) للسرخسي (١٣/ ١٩٧).