للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هَلْ يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ سِرًّا أَمْ لَا]

ثُمَّ (١) إِذَا نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ، أَوْ ظُهْرَ الْوَقْتِ، وَلَمْ يَنْوِ أَعْدَادَ الرَّكَعَاتِ؛ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى الظُّهْرَ، فَقَدْ نَوَى عَدَدَ الرَّكَعَاتِ، هَذَا إِذَا كَانَ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَمَا خَرَجَ الْوَقْتُ؛ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، فَنَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ؛ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ بَعْدَ خُروجِ وَقْتِ الظُّهْرِ، فَرْضُ الْوَقْتِ، يَكُونُ هُوَ الْعَصْرُ، فَإِذْ نَوَى فَرْضَ الْوَقْتِ، كَانَ نَاوِياً الْعَصْرَ وَصَلَاةُ الظُّهْرِ، لَا تَجُوزُ بِنِيَّتِهِ (٢) وَالْأَوْلَى، أَنْ يَنْوِيَ ظُهْرَ الْيَوْمِ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْتُ خَارِجاً، أَوْ بَاقِياً، كَذَا فِي " الْمُحِيطِ " (٣)، وَ"مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" (٤).

[إن كان المصلي مقتدياً بغيره ينوي الصلاة ومتابعته]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا بِغَيْرِهِ يَنْوِي الصَّلَاةَ وَمُتَابَعَتَهُ).

وَفِي "شرح الطحاوي" وَلَوْ نَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ، أَجْزَاهُ، وَقَامَ مَقَامَ نِيَّتَيْنِ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، عَلَى خِلَافِ هَذَا، وَقَالَ: فَأَمَّا إِذَا قَالَ نَوَيْتُ صَلَاةَ الْإِمَامِ، فَهَذَا لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَعْيِينٌ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ بِاقْتِدَائِهِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: أُصَلِّي الصَّلَاةَ؛ الَّتِي يُصَلِّيهَا الْإِمَامُ، فَكَانَ هَذَا تَعْيِيناً، لِمَا يُصَلِّيهَا الْإِمَامُ، لَا اقْتِدَاءً بِالْإِمَامِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَتَى انْتَظَرَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ، ثُمَّ كَبَّرَ بَعْدَهُ كَفَاهُ، عَنْ نِيَّةِ الاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ انْتِظَارَهُ لِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ، قُصِدَ مِنْهُ (٥) لِلاقْتِدَاءِ، إِلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ، مَا ذَكَرْنَا، أَنَّ الانْتِظَارَ مُتَرَدِّدٌ، قَدْ يَكُونُ لِلاقْتِدَاءِ وَقَدْ يَكُونُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ، فَمَا لَمْ يَقْصِدْ الاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ، لَا يَصِيرُ مُقْتَدِياً؛ بِمُجَرَّدِ الانْتِظَارِ، قَالُوا: وَإِنْ أَرَادَ تَسْهِيلَ الْأَمْرِ، عَلَى نَفْسِهِ، يَقُولُ شَرَعْتُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَيَكْفِيهِ ذَلِكَ وَيَكُونُ نِيَّةً لِلاقْتِدَاءِ بِهِ، وَلِمَا يُصَلِّيهِ الْإِمَامُ، وَفِي "فتاوى قاضي خان": (وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: نَوَيْتُ أَنْ أُصَلِيَ مَعَ الْإِمَامِ، مَا يُصَلِّي الْإِمَامُ) (٦).


(١) في (ب): (لأنه)
(٢) في (ب): (بنية العصر).
(٣) "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٢٨٧).
(٤) انظر: "التجنيس والمزيد، للمرغيناني" (١/ ٤١٦).
(٥) في (ب): (بنيته).
(٦) "فتاوى قاض خان" (ص ١٠٣).