للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

(وَإِذَا أَرَادَتْ الْمُطَلَّقَةُ)، أي: بعد انقضاء العدّة إلا أن تخرج به إلى وطنها، وقد كان الزّوج تزوّجها فيه، وأصل هذا ما ذكر في «الجامع الصّغير» لقاضي خان وغيره.

رجل تزوّج امرأة من أهل الشّام بالشّام، فقدم بها إلى الكوفة، فولدت منه أولادًا، ثم طلّقها ثلاثاً وانقضت عدّتها، فلها أن تخرج بأولادها إلى الشّام من غير رضى الأب، وإن كان تزوّجها بالكوفة وهي من أهل الشّام لم يكن لها أن تخرج بأولادها من الكوفة، وهذه المسألة بناء على ما تقدّم أنّ الأم أحق بالولد الصغير.

قوله: وَلِهَذَا يَصِيرُ الْحَرْبِيُّ بِهِ ذِمِّيًّا، هذا اللفظ بجملته وقع غلطًا، فإنّه ذكر في سير هذا الكتاب، وسير سائر الكتب من السير الكبير، وغيره إذا تزوّج المستأمن ذميّة لا يصير ذمياً لأنّه يمكنه أن يطلّقها فيرجع.

وقد وجدت بخط شيخي -رحمه الله- ليس في النسخة التي قوبلت مع نسخة المصنف هذه الجملة، بل اتّصل قوله: وَإِنْ أَرَادَتْ الْخُرُوجَ بقوله: فهو منهم، وما ذكر ههنا في بعض النسخ وقع سهوًا وعبّر بعضهم لفظ الحربي بلفظ الحربيّة.

وقال بعضهم الضّمير [في] (١) به راجع إلى التزام المقام، لا إلى التزوج ولكن الصحيح ما ألقيتهُ عليك أولاً.

أَشَارَ فِي الْكِتَابِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، أراد بالكتاب كتاب القدوري (٢).

فإنّ قوله: (إلَّا أَنْ تَخْرُجَ بِهِ إلَى وَطَنِهَا)، تخصيص لوطنها بالاستثناء، فكان غيره داخلاً في الخطر، ومن ذلك الغير غير وطنها الذي وجد التزوّج فيه فكان الانتقال إليه محظوراً.

وأمّا إذا كان في عكسه بأن أرادت الانتقال إلى مصر هو مصرها، لكن لم يكن أصل العقد بها لم يكن لها أن تنتقل بأولادها إليها باتفاق الروايات، كذا ذكره الإمام الكشاني -رحمه الله- ومن جملة ذلك حقّ إمساك الأولاد؛ لأنّ الأولاد من ثمرات النكاح، فيجب مراعاة الثمرات في مكان العقد اعتباراً للثمرات بالأحكام من وجوب التّسليم والتسلّم.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا: الْوَطَنُ وَوُجُودُ النِّكَاحِ، ولكن بعد وجود هذين الوصفين وصف آخر شرط فيه -أيضاً-، وهو أن لا تريد الانتقال إلى دار الحرب، فإنّه ليس لها أن ينتقل إلى دار الحرب، وإن كان دار الحرب وطنها وقد وقع التزوّج فيها فإنّه ذكر في «شرح الطّحاوي» (٣) -رحمه الله- ولو أرادت أن تنتقل من دار الإسلام إلى دار الحرب فليس لها ذلك، وإن كان أصل النكاح وقع هناك وهي حربية بعد أن يكون زوجها مسلمًا أو ذمياً، وإن كان كلاهما حربيين فلها ذلك.


(١) سقطت من (ب).
(٢) أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان أبو الحسين القدوري: فقيه حنفي، ولد ومات في بغداد، انتهت إليه رئاسة الحنفية في العراق، وصنف المختصر المعروف باسمه (القدوري) في فقه الحنفية، وشرح "مختصر" الكرخي، توفي سنة ٤٢٨ هـ. ينظر: وفيات الأعيان (١/ ٧٨)، تاج التراجم (ص: ٩٨)، الأعلام للزركلي (١/ ٢١٢)
(٣) ينظر: اللباب في شرح الكتاب (٣/ ١٠٤).