للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توكيل الوكيل غيرَه]

وليس للوكيل أن يوكل غيره إِذَا لم يأمره الموكل بذلك ولكنه استحسن فقال كلُّ واحد من الشريكين فِي حق صاحبه بمنزلة وكيل فوض الأمر إليه على العموم؛ لِأَنَّ مقصودهما تحصيل الربح وذلك لا يحصل بتصرف واحد فصار مأذونًا له من جهة صاحبه بالتوكيل فيما يعجز عن مباشرته بنفسه (١).

وقوله: (فَهَذِهِ الْوُجُوهُ تُبْطِلُ الْوَكَالَةَ عَلَى الْوَكِيلِ) (٢) أي: هذه الوجوه المعترضة من العجز والحجر والافتراق إِذَا اعترضت على الموكل تبطل وكالة وكيله.

وذكر فِي المَبْسُوط (٣):

وعَجْزَ المُكَاتِبِ يُبْطِلُ وكالةَ وكيلِهِ فِي العقودِ والخصومات (٤) إلا فِي تقاضي الدين الذي وليه المكاتب أو قضاء به؛ لِأَنَّ عجزه يوجب الحجر عليه من إنشاء التصرفات فيخرج وكيله من الوكالة ولا يوجب الحجر عليه من قضاء الدين واقتضائه، فكذلك لا يوجب عزل وكيله عن ذلك فإن كُوتِبَ بعد ذلك لم تعد الوكالة التي بطلت؛ لِأَنَّ صحتها كانت باعتبار ملك الموكل التصرف عند التوكيل وقد زال ذلك بالعجز ولم تعد الوكالة بالكتابة الثانية بعد ذلك وكذلك الحكم فِي الإذن فِي التجارة فإن العبد المأذون له لو وكَّل وكيلاً بالبيع أو بالشراء أو الخصومة فِي شيء ولم يله ثُمَّ حجر عليه مولاه بطلت وكالة الوكيل فإن أذن له فِي التجارة لم يكن الوكيل وكيلاً فِي ذلك.

وأمّا لو أخرج المولى وكيل العبد المأذون عن الوكالة وليس ذلك بشيء سواء كان على العبد دين أو لم يكن؛ لِأَنَّ ذلك حجر خاص فِي إذن عام وذلك باطل ألا ترَى أن المولى لو نهى العبد عن ذلك التصرف بنفسه ولم يحجر عليه لا يعمل نهيه وكذلك إذ امتنع وكيله منه؛ لِأَنَّ ذلك من صنيع التجار والمولى لا يملك نهيه مع بقاء الإذن.

فإن قلت: يلزم فِي هذا نقض الأصل الممهد فِي الفقه وهو أن البقاءَ أسهلُ من الابتداءِ (٥) فإِنَّ صدروَ التوكيل ابتداء من المكاتب أو المأذون غير ممتنع حيث يصح توكيلهما رجلاً ببيع شيء أو شرائه حتى لو أذنا أو كوتبا بعد التوكيل أو أعتقا كان الوكيل على وكالته فكيف ينعزل وكيلهما بالعجز والحجر بقاءً بعد صحة التوكيل [ابتداء] (٦).


(١) يُنْظَر: اللباب في شرح الكتاب؛ للغنيمي (٣/ ٣٥٨).
(٢) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٣).
(٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ١٩٤).
(٤) يُنْظَر: أصول السرخسي (٢/ ٢٨٢).
(٥) يُنْظَر: التقرير والتحبير (٣/ ٢٧٣).
(٦) [ساقط] من (ج).