للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حُكمُ التفريقِ بين الأصابعِ عند الرَّفعِ]

وَلَا يَتَكَلَّفُ لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ عِنْدَ رَفْعِ الْيَدِ، وَالَّذِي رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَبَّرَ (١) نَاشِراً أَصَابِعَهُ» (٢) مَعْنَاهُ نَاشِراً عَنْ طَيِّهَا، بِأَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ مَثْنِيّاً بِضَمِّ الْأَصَابِعِ إِلَى الْكَفِّ) (٣) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ -رحمه الله- (٤) فَمِنَ النَّاسِ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَرَادَ بِنَشْرِ الْأَصَابِعِ أَنْ يُفَرِّجَ بَيْنَ الْأَصَابِعِ تَفْرِيجاً؛ وَهُوَ غَلَطٌ، وَلَكِنْ أَرَادَ بِهِ النَّشْرَ عَنِ (٥) الطَّيِّ كَمَا يَكُونُ فِي الثَّوْبِ؛ أَيْ: لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَضْمُومَتَيْنِ بَلْ يَرْفَعُهُمَا مَنْصُوبَتَيْنِ؛ حَتَّى تَكُونَ الْأَصَابِعُ مَعَ الْكَفِّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ (٦).

وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ -رحمه الله- (٧): (إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ لَا يَضُمُّ أَصَابِعَهُ كَلَّ الضَّمِّ، وَلَا يُفَرِّجُ كُلَّ التَّفْرِيجِ، بَلْ يَتْرُكُهُمَا عَلَى مَا عَلَيْهِ أَصَابِعُهُ بَيْنَ الضَّمِّ وَالتَّفْرِيجِ) (٨).

[رفعُ اليد لإعلام الأصم]

قَوْلُهُ -رحمه الله- (وَرَفْعُ الْيَدِ لِإِعْلَامِ الْأَصَمِّ) (٩).

قُلْتُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ، وَرَفْعُ الْيَدِ لِإِعْلَامِ الْأَصَمِّ أَيْضاً، بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ أَيْضاً لِرَفْعِ التَّنَاقُضِ صُوْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلاً أَنَّ مَعْنَى رَفْعِ الْيَدِ نَفْيُ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ، فَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ حَتَّى يَكُونَ لِتَخْصِيصِهِ فَائِدَةٌ، وَإِنَّمَا يَكُونُ هُوَ (١٠) لِغَيْرِهِ مَعَهُ إِذَا كَانَ لَهُ مَعْنَيَانِ؛ وَهُوَ النَّفْيُ وَالْإِعْلَامُ؛ وَهُوَ يَحْصُلُ بِذِكْرِ قَوْلِهِ: أَيْضاً، إِلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ اتَّبَعَ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ السَّرْخَسِيَّ (وَهُوَ -رحمه الله- كَذَلِكَ ذَكَرَهُ؛ فَإِنَّ دَأْبَهُمْ تَرْكُ التَّكَلُّفِ، وَتَفْهِيمُ الْمَعَانِي، وَالْمَعْنَيَانِ يَحْصُلَانِ بِمَا ذَكَرُوا) (١١) فَلَا حَاجَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى زِيَادَةِ التَّكَلُّفِ.


(١) (كبّر) ساقطة من (ب).
(٢) أخرج الترمذي في "سننه" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كبر للصلاة نشر أصابعه»، (١/ ٣١٩)، كتاب الصلاة، باب في نشر الأصابع عند التكبير، حديث (٢٣٩).
(٣) "المبسوط" للسرخسي (١/ ١١).
(٤) " البناية شرح الهداية للعيني" (٢/ ١٦٧).
(٥) في (ب): (دون).
(٦) انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (١/ ٤٧٤).
(٧) انظر: " بدائع الصنائع للكاساني " (١/ ١٩٩)، و " تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي" (١/ ١١١).
(٨) انظر: " بدائع الصنائع للكاساني " (١/ ١٩٩)
(٩) في المطبوع: (ولأن رفع اليد لإعلام الأصم). "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤٨)
(١٠) (هو) ساقطة من (ب).
(١١) في (ب): (كذلك ذكره فإن كان له معنيان يحصلان بما ذكروا).