للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لُبْسُ ما سداه حرير ولحمته غير حَرِيرٍ في الحرب وغيره]

أحدها: أن يكون سَدَاهُ حريرًا ولُحْمَتَه غير حرير؛ وهذا لا بأس به في الحرب وغيره؛ لأنّ السَّدى} يصير (١) مستورًا باللُّحْمَة حتّى أنه لو لم [يكن] (٢) مستوراً باللُّحْمَة يكره ذلك على ما ذكرنا من أحد الوجهين (٣).

[لُبْسُ ما سداه غيرُ حريرٍ ولُحْمَتَه حَرِيرٌ في الحرب وغيره]

والثاني: أن تكون لُحْمَته حريراً وسَدَاه غير حرير؛ وهذا يباح في الحرب دون غيره؛ لأن اللُّحْمَة هي المرئية في الحرب، ولُبْس الحرير من كلّ وجه يباح في الحرب للرجل عندهما (٤) لكون الحرير أهيب في عين العدو من غيره فهذا أولى (٥).

[لُبْسُ ما يكون حريراً كُلُّهُ في الحرب وغيره]

والثالث: ما يكون حريراً كلّه وهو الديباج، لا يجوز لبسه في غير الحرب بالاتّفاق، وهل يجوز لبسه في الحرب؟ عند أبي حنيفة -رحمه الله- لا يجوز وعندهما يجوز، كذا ذكره الإمام المحبوبي/ (٦).

[لُبْسُ ما يكون غَالِيَ الثَّمَنِ من اللِّباس]

وذكر هشام عن محمّد -رحمها الله-: أنّه لم يَرَ باللّباس المرتفع جدًا بأسًا، قال: خَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -عليه السلام- ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيْمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَرُبَّمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيْمَتُهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ} عَلَيْهِ (٧) يَوْمًا وَعَلَيْهِ رِدَاءُ خَزٍّ فَقَالَ -عليه السلام-: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدِ أَحَبَّ أَنْ يَرَى آثَارَ [نِعْمَتِهِ] (٨) عَلَيْهِ» (٩)، وَأَبُوْ حَنْيِفَةَ/ كَانَ يَرْتَدِيْ بِرِدَاءٍ قِيْمَتُهُ أَرْبَعُمَائِةِ دِيْنَارٍ، وَأَبَاحَ اللهُ [تَعَالَى] (١٠) الزِّيْنَةَ [بِقَوْلِهِ] (١١): {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ?} (١٢)، كَذَا ذَكَرَهُ فِيْ "الذّخيرة" (١٣).


(١) سقطت من (أ).
(٢) في (ب): (يَصِر).
(٣) يُنْظَر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٨/ ٥٥٠)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ١٣١)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٣٩).
(٤) عندهما: أي؛ عند أبي يوسُفَ ومُحَمد بن الحسن، وذلك بقول صاحب البداية: (ولا بأس بتوسده والنوم عليه عند أبي حنيفة، وقالا: يكره، ولا بأس بلبس الحرير والديباج في الحرب عندهما). يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢١).
(٥) يُنْظَر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٨/ ٥٥٠)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٠)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ١٥).
(٦) يُنْظَر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٨/ ٥٥٠)، المبسوط للسرخسي (٣٠/ ٢٨٣)، مختصر القدوري (ص ٢٤٠).
(٧) سقطت من (أ).
(٨) في (أ): (رحمته).
(٩) أخرج الترمذي (٥/ ١٢٣) باب (ما جاء إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) برقم (٢٨١٩) بِسَنَدِه: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ».
- قال الترمذي: وفي الباب عن أبي الأحوص، عن أبيه، وعمران بن حصين، وابن مسعود، ثم قال: هذا حديث حسن.
- قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخَرِّجاه، ووافقه الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (٤/ ١٥٠).
(١٠) في (ب): (سبحانه).
(١١) في (أ): (لقوله).
(١٢) سورة الأعراف الآية (٣٢).
(١٣) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٨/ ٤٢)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٢١)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (٢/ ٥٣٢).