للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أسلم قبل القبض حيث ينفسخ البيع ويمنع عن القبض ويخرج الجواب أيضاً عمّا إذا لم يكونا عينين حيث لا يستحق عين الخمر والخنزير بالإجماع.

أمّا البيع فإنّ المبيع بعد القبض يستفاد ملك التصرف فيه لا قبله والإسلام مانع فيه ولأن ضمان المبيع في يد البائع ضمان ملك حتّى لو هلك يهلك على ملكه وكان قبض المشتري ناقلاً لضمان الملك فأمّا ضمان المسمّى في يد الزّوج فليس بضمان ملك حتّى لو هلك يهلك على ملكها ولهذا وجب لها القيمة فلا يكون الإسلام مانعًا من القبض الناقل للضمان إذا لم يكن ضمان ملك كاسترداد المغصوب بلا ولي لأن في استرداد المغصوب إزالة اليد المانعة وهي يد الغاصب وليس ههنا إزالة اليد المانعة فلأن لا تمنع عن القبض كان أولى.

وأمّا المسمّى إذا كان غير معيّن فإنما لا يملك قبضه لأنّ القبض هناك موجب ملك العين والإسلام يمنع من ذلك إذا كان ذلك المسمّى خمراً أو خنزيراً.

وأمّا قوله أنّ القبض مؤكّد للملك في المقبوض على ما ذكر من المسائل فإن ذلك كلّه يدل على ضعف الثبوت وتعلّق الوكادة بالقبض لا يدلّ على امتناع تأكيد ما هو ثابت بالإسلام بل يدلّ على عكسه فإنّه إذا اشترى خمراً وقبض وبها عيب فالملك غير متأكّد وبالإسلام يتأكّد ويسقط الخيار هذا كلّه من الْمَبْسُوطِ (١)، والأسرار وشروح الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٢).

ألا ترى أنّه لو جاء بالقيمة قبل الإسلام تجبر على القبول في الخنزير هذا دليل على أنّ قيمة الخنزير بمنزلة عينه لأنّه لو لم يكن كذلك لما أجبرت على القبول فمن أوجب مهر المثل أوجب المتعة ومن أوجب القيمة أوجب نصفها ففي العين لها نصف العين في قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وفي غير العين في الخمر لها نصف القيمة.

وفي الخنزير لها نصف المتعة؛ لأنّ مهر المثل لا ينتصف بالطّلاق قبل الدّخول بل في كل موضع كان الواجب مهر المثل قبل الطّلاق فالواجب المتعة بعد الطّلاق وعند مُحَمَّد لها بعد الطّلاق نصف القيمة على كلّ حال كذا في الْمَبْسُوطِ (٣)، وعند أبي يوسف -رحمه الله- لها المتعة على كلّ حال والله أعلم بالصّواب.

باب نكاح الرّقيق

آخر هذا الباب عن فصل النصراني والنصرانية؛ لأن الرّق من آثار الكفر إذ الاسترقاق ابتداء لا يرد إلا على الكافر ولاشك أنّ الأثر يقفو المؤثر.

وذكر في (الصّحاح) (٤) [في الإيضاح] (٥) الرّقيق المملوك وقد يطلق على الواحد والجمع وذكر في (المغرب) (٦) الرقيق العبد وقد يقال للعبيد ومنه هؤلاء رقيقي وقال مالك -رحمه الله: - يجوز للعبد قيد بالعبد لأنّه لا يجوز للأمة بالإجماع لأن بضعها مملوك المولى لأنّه يملك الطّلاق فيملك النكاح لأنّ الطّلاق حكم يستفاد من النكاح فلما كان أهلاً لحكمه بغير إذن المولى كان أهلاً لسببه.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٤٢).
(٢) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ١٨٥).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٤٣).
(٤) يُنْظَر: الصحاح (٤/ ١٤٨٤).
(٥) ساقط من (ب).
(٦) يُنْظَر: المغرب (١/ ١٩٥).