للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعلم أن مسائل هذا الباب كلها مبنية على قول أبي يوسف، ومحمد لا على قول أبي حنيفة -رحمهم الله-، فإنه لا يرى الحجر للفساد، والسفه أصلا.

[[الحجر للفساد أو السفه]]

(قال أبو حنيفة رحمه الله لا يحجر على الحر العاقل البالغ) سواء كان الحجر بسبب الدين، أو بسبب السفه حتى تنفذ تصرفاته بعد الحجر على حسب ما كان ينفذ قبل الحجر، ويخاطب بعد الحجر بما كان يخاطب به قبل الحجر. (١)

وعندهما (٢) الحجر على نوعين:

حجر لسبب السفه والفساد.

وحجر لسبب الدين.

أما الحجر لسبب السفه والفساد فعلى نوعين:

أحدهما: لحقه في عقله، فكان سليم القلب، لا يهتدي إلى التصرفات، فيحجر عليه القاضي على قولهما صيانة لماله، فإنه لو لم يحجر عليه ربما يأتي على جميع ماله لقلة هدايته، وسلامة قلبه.


(١) وتصرفه في ماله جائز وإن كان مبذرا مفسدا يتلف ماله فيما لا غرض له فيه ولا مصلحة.
روي "أن حبان بن منقذ كان يغبن في البياعات فطلب أولياؤه من النبي عليه الصلاة والسلام الحجر عليه، فقال له: إذا ابتعت فقل لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيام ولم يحجر عليه".
أخرجه: الحاكم في المستدرك ٢/ ٢٦ كتاب البيوع حديث رقم ٢٢٠١، والبيهقي في السنن الكبري ٥/ ٢٧٣ كتاب البيع باب الدليل على أن لا يجوز شرط الخيار في البيع أكثر من ثلاثة أيام حديث رقم ١٠٢٣٨.
- ولأنه مخاطب فلا يحجر عليه كالرشيد، ولأنه لا يدفع الضرر عنه بالحجر فإنه يقدر على إتلاف أمواله بتزويج الأربع وتطليقهن قبل الدخول وبعده في كل يوم ووقت، ولا معنى للحجر عليه لدفع الضرر عنه، ولا يندفع، ولأن الحجر عليه إهدار لآدميته وإلحاق له بالبهائم، وضرره بذلك أعظم من ضرره بالتبذير وإضاعة المال، وهذا مما يعزمه ذوو العقول والنفوس الأبية، ولا يجوز تحمل الضرر الأعلى لدفع الضرر الأدنى حتى لو كان في الحجر عليه دفع الضرر العام جاز كالمفتي الماجن، الطبيب الجاهل، والمكاري المفلس لعموم الضرر من الأول في الأديان، ومن الثاني في الأبدان، ومن الثالث في الأموال.
انظر: بداية المبتدي للميرغيناني (١/ ٢٠١)، الهداية شرح البداية (٣/ ٢٨١)، الاختيار تعليل المختار للموصلي الحنفي (٢/ ١٠٣).
(٢) أى: محمد وأبو يوسف.