للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا الخلاف: الإحرام بالحجّ شرط لأداء هاتين الصلاتين حتى أن الحلال إذا صلى الظهر مع الإمام، ثُمَّ أحرم بالحجّ، فصلى العصر أو المحرم بالعمرة وصلى الظهر مع الإمام، ثُمَّ أحرم بالحجّ فصلى العصر معه لم يجزه العصر إلا في وقتها، وعند زفر (١) يجزئه.

وحاصله: أن جواز الجمع عند أبي يوسف ومحمد، معلق بإحرام الحجّ لا غير، وعند أبي حنيفة -رحمه الله- معلق بإحرام الحجّ، وبالجماعة، وبالإمام الأكبر، وهو قول زفر؛ غير أنه يشترط هذه الشرائط في العصر لا غير، وأبو حنيفة -رحمه الله- يشترط في الظهر والعصر جميعًا. كذا في المبسوطين (٢).

[الإكثار من الدعاء بعد صلاتي الظهر والعصر يوم عرفة]

(ثُمَّ يتوجه) (٣).

أي: بعد صلاة العصر يتوجه الإمام إلى الموقف، وهو المسمى بموقف الأعظم.

[ما يقال في الدعاء يوم عرفة بعد صلاتي الظهر والعصر]

(وفي وقوفه يدعو) وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَكْثَرُ دُعَائِي وَدُعَاءِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي بِعَرَفَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللهُمَّ اجْعَلْ [لي] (٤) فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا، اللهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي» (٥). كذا في «المبسوط» (٦)، وزاد الإمام الأستاجي بعد هذا (اللهم إني أعوذ بك من وساوس الصدر./ وشتات الأمر، وعذاب القبر اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل، و [شر] (٧) ما يلج في النهار، وشر ما يهب به الرياح، وشر بوائق الدهر) (٨)، «اللهم إني أعوذ بك من تحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك، وأعطني العشية أفضل ما تؤتي أحدًا من خلقك، وحجاج بيتك يا أرحم الراحمين، يا رفيع الدرجات، ومُنْزِل البركات، ويا فاطر الأرضين والسموات، ضجّت إليك الأصوات بصنوف اللغات تسألك الحاجات، وحاجتي ألاّ تنساني في دار الدنيا إذا نسيني أهل الدنيا» (٩)، وكل دعاء يعلمه يدعو به، وكل حاجة في صدره يسأل الله إياها، وفي «مبسوط شيخ الإسلام» (١٠) سأل عمر وعلي


(١) هو الإمام زفر بن الهذيل بن قيس العنبري البصري، صاحب الإمام أبي حنيفة، إمام من أئمة الفقهاء، كان ثقة، مأمونًا، حافظًا، اشتُهر بأنه أقيس أصحاب أبي حنيفة (ت ١٥٨ هـ) رحمه الله.
انظر: الجواهر المضية (٢/ ٢٠٧)، تاج التراجم (١٦٩)، الفوائد البهية (١٣٢).
(٢) انظر: المبسوط (٤/ ١٧).
(٣) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٥)
(٤) أثبته من (ج).
(٥) أخرجه الترمذي في السنن من حديث عمرو بن شعيب؛ في كتاب الدعوات (٤٥) باب في دعاء يوم عرفة (١٢٢)، حديث رقم (٣٥٨٥)، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ماقلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير". قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وأخرجه ابن ماجه في السنن، في كتاب المناسك (٢٥)، باب الدعاء بعرفة (٥٦)، حديث رقم (٣٠١٣)، "أن رسول الله دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة … الخ". قال الزيلعي: رواه ابن عدي في " الكامل: وأعله.
انظر: نصب الراية (٣/ ٦٥)، الفتح (٢/ ٤٧٤)، التتارخانية (٢/ ٤٥٥)، تبيين الحقائق (٢/ ٢٥)، العناية (٢/ ٤٧٤)، مجمع الأنهر (١/ ٢٢٦)، الدر المختار (٢/ ٥٠٧)، شرح اللباب (١٣٥)، غنية الناسك (١٥٤).
(٦) انظر: المبسوط (٤/ ١٧).
(٧) أثبته من (ج).
(٨) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" باب: [أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ] (٥/ ١٩٠) برقم: [٩٤٧٥]، وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" باب: [ما يُقَالُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الدُّعَاءِ] (٣/ ٣٨١) برقم: [١٥١٣٥].
(٩) أخرجه مسلم في "صحيحه" باب: [أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْفُقَرَاءُ وَأَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ النِّسَاءُ وَبَيَانِ الْفِتْنَةِ بِالنِّسَاءِ] (٤/ ٢٠٩٧) برقم: [٢٧٣٩]، وأجرجه أبو داود في "سننه" باب: [فِي الِاسْتِعَاذَةِ] (٢/ ٩١) برقم: [١٥٤٥] كما أخرجه البغوي في باب الاستعاذة بقوله حديث صحيح، (٥/ ١٦٨)، برقم ١٣٦٨
(١٠) انظر: المبسوط للشيباني (١/ ٣٨٥).