للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب العِتق على جُعل (١)

[٤١١/ أ] أخّرَ العتق على جُعل في كتاب العتاق عن سائر الأبواب، كما أخر باب الخُلع (٢) في كتاب الطّلاق عن سائر الأبواب، إذ المال في هذين الكتابين غير أصيل، فتأخير ما ليس بأصيل عمّا هو أصيل في الباب من باب المناسبة؛ لأنّ الأصل مقدّم على الفرع (ذكر في الصّحاح الجُعل بالضم ما جعل للإنسان من شيء على شيء يفعله/ وكذلك الجعالة بالكسر والجعلية) (٣).

قوله «ومن أعتق عبده على مال) أي من عُرُوضٍ أَو حَيَوَانٍ أو غير ذلك، أو باعه بنفسه أو وهبه على أن يعوّضه كذا فهو جائز، فإذا قبله (٤) العبد فهو حرّ في جميع أحكامه لأنّه علّق عتقه بقبول المال) كذا في المبسوط (٥).

وذكر في الإيضاح (٦): وإذا قال لعبده أنت حر على ألف، أو بألف، أو على أن لِي عليك ألفًا، أو على ألف تؤدّيها، أو على أن تُعطيني ألفًا، أو على أن تجيئني بألف، (فقبل العبد)، فهو حرّ ساعةَ قبل وما شَرَطَ دَينٌ عليه؛ لأنّه أعتقه بعوض فتعلّق العتق بالقبول كما في البيع، بخلاف قوله إن أديت لأنّه علّق العتق بحصول العوض فلم يعتق قبله.

ومن قضيّة المعاوضة ثبوت الحكم، وهو العتق حتّى تصحّ الكفالة (٧) به لأنّه يسعى وهو حرّ، بخلاف بدل الكتابة (٨)، حيث لا تصح به الكفالة؛ لأنّه ليس بدين مطلق؛ لأنّه يسعى وهو عبد، والمولى لا يستوجب على عبده دينًا، وذلك لأنّ عقد الكتابة ثبت على خلاف القياس؛ لأنّ القياس ينفي أن يستوجب المولى الدّين على عبده فلما ثبت بخلاف القياس (٩) لضرورة حصول الحريّة للمكاتب وحصول المال للمولى اقتصر على موضع الضّرورة، ولم يعد إلى الكفالة، أو لأنّ الكفالة إنّما تصح بدين صحيح، والدّين الصّحيح هو أن لا يخرج المديون (١٠) عن وجوبه إلا بالأداء أو بالإبراء وبدل الكتابة يصحّ سقوطه بدونهما بالتعجيز فلا تصحّ به الكفالة.


(١) الْجُعل: ما يُجعَلُ للعامل على عمله. انظر: المغرب (١/ ٨٤)، البحر الرائق (٤/ ٢٧٧)، تبيين الحقائق (٣/ ٣٠٨)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٥٢٨).
(٢) هو الفصل من النكاح وَقيل أَنْ تَفْتَدِي الْمَرْأَة نَفسهَا بِمَال ليخلعها بِهِ.
انظر: كنز الدقائق (١/ ٢٩٤)، الدر المختار (١/ ٢٣٤)، ملتقى الإبحار (١/ ١٠١).
(٣) انظر: الصحاح (٤/ ١٦٥٦).
(٤) " قبله " هكذا في (ب) وفي (أ) قتله، والصواب ما في (ب).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٤٢).
(٦) انظر: المحيط البرهاني (٤/ ٢٤).
(٧) الكفالةُ لغةٌ: الضمانُ، والكفيلُ الضامنُ. انظر: المغرب (١/ ٤١٣)، لسان العرب: (١١/ ٧٠١)، كلاهما (كفل). وعند الفقهاء: هي ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة.
انظر: الهداية (٣/ ٨٧)، العناية (٧/ ١٦٧)، تبيين الحقائق (٥/ ١٩).
(٨) الْكِتَابَةُ: عقدٌ بين المَولَى وعبده بلفظِ الكتابةِ وما يُؤَدِّي مَعناهُ من كُلِّ وجهٍ. انظر: العناية (٩/ ١٥٢).
(٩) " لأنّ القياس ينفي أن يستوجب المولى الدّين على عبده فلما ثبت بخلاف القياس " سَقطٌ من (ب).
(١٠) " المديون " في (ب) للديون، والصواب ما في (أ).