للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله: (بعد الإذن) فهو الإقرار منه على نفسه، وهو من صنيع التجار، ومما لا يتم التجارة إلا به؛ لأن الناس إذا علِموا أن إقراره لا يصح يتحرَّزون عن معاملته، فمن يعامله لا يتمكن أن يُشهد عليه شاهدين في كل تصرف؛ فلهذا جاز إقراره (١)، (وكذا بمَوْرُوثه في ظاهر الرواية (٢) أي: يصح إقرار الصبي المأذون بما ورث من أبيه أو غيره لغيره (٣).

[[صحة إقرار الصبي فيما ورث]]

وقوله: (في ظاهر الرواية) احتراز عن روايةٍ من الحسن عن أبي حنيفة (٤) - رحمهما الله- بأنه لا يجوز إقراره فيما ورثه؛ لأن صحة إقراره في كسبه لحاجته إلى ذلك في التجارة، وهي ألا يمتنع الناس عن معاملته في التجارة، وهذه الحاجة تنعدم في المَوْرُوث.

(وجه [ظاهر الرواية أن] (٥) انفكاك الحجر عنه [بالإذن في حكم إقراره بمنزلة انفكاك الحجر عنه] (٦) بالبلوغ، بدليل صحة إقراره فيما اكتسبه، فكذلك فيما ورِثه؛ لأن كل واحد من المالين مَلَكه، فهو فارغ عن حق الغير؛ وهذا لأنه لمَّا انضم رأي الولي إلى رأيه التحق هو بالبالغ؛ ولهذا نَفَّذ أبو حنيفة (٧) - رحمه الله- تصرفه بعد الإذن بالغبن الفاحش، فكذلك في حق الإقرار يلتحق بالبالغ (٨) (٩).

[[عدم جواز تزويج العبد]]

(ولا يملك] (١٠) تزويجَ عبده) قيَّد بالعبد، لأن في عدم جواز تزويج العبد إجماعًا (١١)؛ وأما تزويج أمته ففيه خلاف (١٢) أبي يوسف، وأما عند أبي حنيفة (١٣) ومحمد (١٤) - رحمهما الله- فكما لا يملك الصبي المأذون تزويج عبده فكذلك لا يملك تزويج أمته، وعند أبي يوسف- رحمه الله- يملك تزويج أمته.


(١) انظر: تبيين الحقائق (٥/ ٢١٩).
(٢) انظر: المبسوط للشيباني (٨/ ٤٢٣)، المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٣)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٢١).
(٣) انظر: المبسوط للشيباني (٨/ ٥٠٧).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٣)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٢١).
(٥) سقطت في (ع).
(٦) سقطت في (ع).
(٧) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٣)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥٥).
(٨) في (أ) (بالبائع) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٣).
(٩) المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٣).
(١٠) في (ع) (ولا يقال) وما أثبت هو الصحيح. انظر: الهداية (٤/ ٢٩٥).
(١١) انظر: المبسوط للشيباني (٨/ ٥٠٨)، المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٤)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٧).
(١٢) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٧)، الاختيار (٢/ ١٠٢)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٤٨).
(١٣) انظر: المبسوط للشيباني (٨/ ٥٠٨)، بدائع الصنائع (٧/ ١٩٧)، الاختيار (٢/ ١٠٢).
(١٤) انظر: المبسوط للشيباني (٨/ ٥٠٨)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٤٦٠).