للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[بقاء اسم الذهب والفضة بعد الضرب]]

(ألا ترى أن الاسم) أي: اسم الذهب والفضة (باق) وكذلك الأحكام الأربعة المتعلقة بالذهب والفضة باقية وهي الثمنية وكونه موزونًا، وجريان الربا، ووجوب الزكاة، ولكن جريان الربا أثر بقائه موزونًا، ووجوب الزكاة أثر بقائه ثمنًا، وما ذكرا من تغير الاسم بكون اسم التبر بعد الضرب (١) درهمًا ودينارًا ذلك أثر الصنعة؛ لأن الدراهم والدنانير اسم الصنعة وكذلك صلاحيته بعد الضرب لرأس مال الشركة والمضاربة من حكم الصنعة لا من حكم العين، ولهذا يقول ما لا يتفاوت من الفلوس الرائجة في هذا الحكم كالدراهم والدنانير فلا اعتبار، ولا قيمة للصنعة في مثل هذه الأموال منفردة عن الأصل وبه فارق الحديد والصفر، فإن الصنعة هناك تُخرجه من الوزن، ومن أن يكون مال الربا حتى لو باع قمقمة بقمقتين يدًا بيد يجوز على ما ذكرنا في كتاب الصرف؛ وللصنعة في غير مال الربا قيمة، مع أن اسم العين وحكمه قد تبدَّل هناك؛ وأما ههنا فلم يتبدَّل الاسم وحكم العين، فلما بقي اسم العين وحكمه، كان ذلك دليل بقاء العين المغصوبة، فللمالك أخذه وإن وجد صَنعة الضرب؛ لما أنه لا قيمة للصنعة في هذه الأموال، إلى هذا أشار في «المبسوط» (٢).

[[الصنعة في الذهب والفضة غير متقومة]]

(وكذا الصَّنعة فيها) أي: في عين الفضة والذهب (غير متقومة مطلقًا) إنما قيَّد بقوله (مطلقًا) احترازا عمن كسر (٣) إناء فضة أو ذهب أو قلبًا منهما فإنه يَضمن قيمته من خلاف جنسه على ما ذكرناه (٤) آنفا من «المبسوط» (٥) فتضمينه لِقيمَته من خلاف جنسه دليل على تَقوُّم الصَّنعة في (٦) هذه الأموال عند عدم المقابلة بجنسها لكن الصنعة غير متقومة في هذه الأموال (عند المقابلة بجنسها) لما ذكرنا من رواية «المبسوط» (٧) بقوله: (وإن وجده صاحبه مكسورًا فرضِيَ به لم يكن له فضل ما بين المكسور والصحيح) فكانت الصنعة في هذه الأموال متقومة في بعض الأحوال دون البعض، فصح أن يقال: (الصنعة فيها غير متقومة مطلقًا) أي: ليست بمتقومة في كل الأحوال بل في بعضها.


(١) في (ع): مطموسة.
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ١٠١).
(٣) في (ع): عليها بعض الطمس.
(٤) في (ع): مطموسة.
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٨٨) (١٤/ ٥٠).
(٦) في (ع): مطموسة.
(٧) للسرخسي (١١/ ٨٨).