للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: (وَقَالا وَزُفَر) والصَّواب من حيث الإعراب أن يقول: وقالا فيها وزفر، لما أنَّ العطف على الضَّمير المرفوع المتَّصل لا يحسن بدون الفاصل (١).

(وَالوَجْهُ مِنَ الجَانِبَينِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ (٢) آنفاً وهو في مسألة «الجَامِعِ الصَّغِيرِ» في قوله: (وَمَن شَجَّ رَجُلاً مُوضِحَةً فَذَهَبَت عَينَاهُ (٣) إلى آخره، (وَهُوَ مَا إِذَا شُجَّ مُوضِحَةً فَذَهَبَ بَصَرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ القِصَاصُ فِيهِمَا (٤) أي: في الشجَّة وذهاب البصر.

[[الفرق بين ذهاب البصر أو السمع من الشجة]]

فَرَّق محمد -رحمه الله- على هذه الرواية بين ذهاب البصر من الشجَّة: حيث يجب القصاص فيهما، وبين ذهاب السَّمع من الشجَّة: فإنَّه لا يجب القصاص فيه؛ لأنَّه لو ذهب سَمْعُهُ بِفعل مقصود بأن ضُرِبَ على رَأسِهِ حتى ذهب سمعه لا يجب القصاص لتعذُّر اعتبار المساواة، بخلاف البصر فإن ذهاب البصر لو كان بفعل مقصود يجب القصاص فكذلك بسراية الموضحة (٥).

(بِخِلافِ الخِلافِيَةِ الأَخِيرَةِ (٦) وهي قوله: (وَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعاً فَشُلَّتْ إِلَى جَنْبِهَا أُخْرَى (٧).

(أَلا يَرَى أَنَّ الشَّجَّةَ بَقِيَت مُوجِبَةً (٨) حتى وجب أرشها مع دية العينين عند أبي حنيفة -رضي الله عنه-، والقصاص في الموضحة والأرش في العينين عندهما (٩).

(فَتَآكَلَتَا (١٠) أي: صارتا واحدة، يعني: هر دو موضحة يكي شد (١١) فهو على هاتين الروايتين إشارة إلى قوله: (وَلَو كَسَرَ بَعْضَ السِّنِّ فَسَقَطَتْ فَلا قِصَاصَ (١٢) (إِلَّا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ (١٣) (١٤) أي: عن محمَّد، أي في الموضحتين المتآكلتين لا قصاص في الرواية المشهورة.


(١) ولعل الامام السغناقي -رحمه الله- وقف على نسخة فيها سقط، وقد وردت العبارة في الهداية (وقالا هما وزفر). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٦).
(٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٦).
(٣) بداية المبتدي (٢٤٦).
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٦).
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٩٩).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٦).
(٧) بداية المبتدي (٢٤٦)، وقال الامام القدوري: ومن قطع إصبع رجل، فشلت أخرى إلى جانبها: ففيهما الأرش، ولا قصاص فيه عند أبي حنيفة. مختصر القدوري (٢٨٩).
(٨) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٦).
(٩) يُنْظَر: يُنْظَر: بدائع الصنائع (٧/ ٣٠٧)، الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٥)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٩٩)، مجمع الأنهر (٣٥٣).
(١٠) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٦).
(١١) عبارة فارسية تعني: موضحتين صارت موضحة واحدة.
(١٢) بداية المبتدي (٢٤٦).
(١٣) أبو عبدالله محمد بن سماعة بن عبدالله بن هلال التميمي الكوفي، حدث عن الليث، وأخذ العلم عن أبي يوسف، ومحمد جميعاً، وكتب النوادر عن أبي يوسف ومحمد، وروى الكتب والأمالي، وولي القضاء ببغداد للرشيد، قال عنه الصميري: وهو من الحفاظ الثقات. (ت ٢٣٣ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٥٨)، سير أعلام النبلاء (١٠/ ٦٤٦).
(١٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٨٦).