للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طُرُقِ تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ]

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَطْهِيرُهَا بِالْمَاءِ وَبِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ) إِلَى آخِرِهِ (١).

وَالْعِلَّةُ الطَّرْدِيَّةُ (٢) لِمُحَمَّدٍ -رحمه الله- فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ: أَنَّ هَذَا مَعْنَى مَنْعِ (٣) جَوَازِ الصَّلَاةِ، فَلَا يَزُولُ بِغَيْرِ الْمَاءِ، قِيَاسًا عَلَى النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ، وَهِيَ الْحَدَثُ، وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ، وأبو يُوسُفَ (٤) بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ خَمْسٍ» (٥) وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا يُغْسَلُ بِهِ، فَكَانَ جَمِيعُ مَا يُغْسَلُ بِهِ دَاخِلًا تَحْتَ الْحَدِيثِ (٦)، وَطَرْدِيَّتِهُمَا، وَهِيَ أَنَّ هَذَا مَائِعٌ طَاهِرٌ يُزِيلُ الْعَيْنَ، فَتَزُولُ بِهِ النَّجَاسَةُ الْحَقِيقِيَّةُ، قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ عَلَيْهِ فِي النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، إِزَالَةُ الْعَيْنِ، وَالْأَثَرِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ، بِالْمِقْرَاضِ أَجْزَأَهُ (٧).


(١) يقول صاحب الهداية: (ويجوز تطهيرها بالماء وبكل مائع طاهر يمكن إزالتها به كالخل وماء الورد ونحوه مما إذا عصر إنعصر وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-، وقال محمد وزفر والشافعي -رحمهما الله-: لا يجوز إلا بالماء لأنه يتنجس بأول الملاقاة والنجس لا يفيد الطهارة إلا أن هذا القياس ترك في الماء للضرورة ولهما أن المائع قالع والطهورية بعلة القلع والإزالة والنجاسة للمجاورة فإذا انتهت أجزاء النجاسة يبقى طاهرا وجواب الكتاب لا يفرق بين الثوب والبدن وهذا قول أبي حنيفة -رحمه الله-، وإحدى الروايتين عن أبي يوسف -رحمه الله-، وعنه أنه فرق بينهما فلم يجوز في البدن بغير الماء). ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٣٦).
(٢) الْعلَّة الطردية: هِيَ الْوَصْف الَّذِي أعتبر فِيهِ دوران الحكم مَعَه وجودا فَقَط عِنْد الْبَعْض ووجودا وعدما عِنْد الْبَعْض من غير نظر إلى ثُبُوت أَثَره فِي مَوضِع بِنَصّ أَو إِجْمَاع. انظر: " قواعد الفقه للبركتي" (ص: ٣٨٧)
(٣) في (ب): (يمنع).
(٤) ينظر: "بدائع الصنائع للكاساني" (١/ ٦١).
(٥) أخرجه الدارقطني في "سننه " (١/ ٢٣٠) في كتاب "الطهارة" باب " نجاسة البول والأمر بالتنَزه منه والحكم في بول ما يؤكل لحمه" حديث رقم (٤٥٨). وقال الدارقطني في "سننه" (١/ ٢٣٠): (لم يروه غير ثابت بن حماد وهو ضعيف جداً، وإبراهيم، وثابت ضعيفان)، قال الزيلعي في "نصب الراية للزيلعي " (١/ ٢١١): (له متابعة)، وقال بن حجر العسقلاني في"الدراية في تخريج أحاديث الهداية" (١/ ٩٢): (وأخرجه ابْن عدي وَضَعفه وأخرجه الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ لَكِن وَقع عِنْده عَن حَمَّاد بن سَلمَة بدل ثَابت بن حَمَّاد وَهُوَ خطأ).
(٦) في (ب): (الحدث). وهو خطأ
(٧) كذا في (أ) وفي (ب): (أجزاءه). والصحيح ما أثبت.