للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله -رضي الله عنه- (وليس له أن يقبل في بعض المبيع إلى آخره .. ) (١)

[[بيع اتحاد الصفقة]]

وإذا أوجب البائع البيع في شيئين أو ثلاثة، وأراد المشتري أن يقبل العقد في أحدهما دون الآخر فهذا على وجهين، إن كانت الصفقة واحدة فليس له ذلك، وإن كانت متفرقة فله ذلك؛ وهذا لأن الصفقة إذا كانت واحدة فالمشتري بقبول العقد في أحدهما يريد تفريق الصفقة على البائع، وفي ذلك ضرر بالبائع؛ لأن العادة فيما بين الناس أنهم يضمون الرديء إلى الجيد في البياعات، وينقصون شيئاً عن الجيد (٢) لترويج الرديء بالجيد، فلو ثبت خيار قبول العقد في أحدهما فالمشتري يقبل العقد في الجيد ويترك الرديء على البائع، فيزول الجيد عن ملك البائع بأقل من ثمنه، وفيه ضرر بالبائع.

[[ما يوجب اتحاد الصفقة وتفريقها]]

وقال القدوري (٣) -رحمه الله -: "إلا أن يرضى البائع في المجلس، نحو أن يقول: بعتك (هذا العبد بخمسين، فيقول المشتري: قبلت في نصفه فيرضى به البائع، أو يقول: بعتك) (٤) هذين القفيزين بعشرة فيقول المشتري: قبلت في أحدهما (٥) (٦) فيرضى به البائع، ويكون ذلك من المشتري في الحقيقة استئناف إيجاب لا قبول، فإذا رضي به البائع في المجلس يجوز، قال (٧): وإنما يصح مثل هذا إذا كان للبعض الذي قبله المشتري حصة معلومة من الثمن على نحو ما ذكرنا من المثال في العبد الواحد وفي القفيزين؛ لأن الثمن ينقسم عليهما باعتبار الأجزاء، فيكون حصة كل قفيز معلومة، فأما إذا كان الثمن ينقسم باعتبار القيمة، نحو أن أضاف العقد إلى عبدين أو ثوبين، لم يصح العقد إذا قبل المشتري في أحدهما، وإن رضي به البائع؛ لأن القبول من المشتري لما جعل بمنْزلة ابتداء إيجاب، فإذا لم يكن حصة كل واحد منها معلومة، لو جاز البيع في الذي قبل كان هذا ابتداء عقد بالحصة، وأنه لا يجوز" (٨).


(١) قال في الهداية: "وليس له أن يقبل في بعض المبيع، ولا أن يقبل المشتري ببعض الثمن؛ لعدم رضا الآخر بتفرق الصفقة، إلا إذا بين كل واحد؛ لأنه صفقات معنى".
(٢) زيادة في (ب) "ثمن".
(٣) أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان، الإمام المشهور، أبو الحسن بن أبي بكر، الفقيه البغدادي، المعروف بالقدوري، صاحب المختصر المبارك، وقال السمعاني: كان فقيهاً صدوقاً، صنف من الكتب المختصر المشهور فنفع الله به خلقاً لا يحصون، وشرح مختصر الكرخي والتجريد فى سبعة أسفار. مات القدوري فى يوم الأحد الخامس عشر من رجب سنة ثمان وعشرين وأربع مائة. الجواهر المضية (١/ ٩٣)، وفيات الأعيان (١/ ٨٧)، وأعلام النبلاء (١٧/ ٥٧٥)، والأعلام (١/ ٢١٢).
(٤) من "هذا " إلى "بعتك" سقط من (ب)
(٥) سقط من (ب).
(٦) "نصفه" زيادة في (ب).
(٧) أي: القدوري.
(٨) المحيط البرهاني (٦/ ٢٧٩).