للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قال: بعتك هذين العبدين، هذا بمائة وهذا بمائة، فقبل المشتري البيع في أحدهما، ذكر في بعض المواضع أنه يجوز (١)، وذكر في الجامع أنه لا يجوز (٢) إلا أن يقول: بعتك هذين العبدين، بعتك هذا بمائة، وبعتك (٣) هذا بمائة، فقبل المشتري (البيع في) (٤) أحدهما/ جاز.

أما إذا لم يعد لفظ البيع كانت الصفقة واحدة، فلا يصح قبول أحدهما، وإن سمى لكل واحد منهما ثمناً، ثم لابد من بيان معرفة إيجاد الصفقة وتفرقها (٥)، فنقول: إذا اتحد البيع والشراء والثمن بأن ذكر (الثمن) (٦) جملة، والبائع واحد، والمشتري واحد، فالصفقة متحدة قياساً، واستحساناً (٧)، وكذلك تفرق الثمن بأن سمّى لكل بعض (٨) من المبيع ثمناً على حدة، واتحذ (٩) الباقي، بأن قال البائع: بعتك هذه الأثواب العشرة، كل ثوب منها بعشرة، كانت الصفقة متحدة أيضاً، وكذلك إذا كان البائع أوالمشتري اثنين، والثمن ذكر جملة، بأن قال البائع لرجلين: بعت هذا منكما بكذا، أو قال المشتريان: اشترينا هذا منك بكذا، كانت الصفقة متحدة، هذا هو الكلام في الاتحاد.


(١) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ١٣٧).
(٢) ينظر: فتح القدير (٦/ ٢٣٨).
(٣) سقط من (ب).
(٤) زيادة في (ب) ومثبتة في هامش (أ).
(٥) "وتفرقها " في (ب)، وفي (أ) "وتفرقهما" والصحيح ما أثبته لمناسبة المعنى.
(٦) في (ب) وهي في هامش (أ).
(٧) الاستحسانُ في اللغةِ: استفعالٌ من الحُسنِ، وهو: أن يرى الشَيء حَسناً، أو يعتقده حَسناً، ومراد الفقهاء بذلك: الرأي والاعتقاد، وهو: أن يعتقد وَيرى أن هذا الحكم في الشرع حَسَن، فإن كان ذلك الدليل شرعياً، فَهو صحيح. وقال الدبوسي: "فاسم لضرب دليل يعارض القياس الجلي، حتى كان القياس غير الاستحسان على سبيل التعارض، وكأنهم سموه بهذا الاسم لاستحسانهم ترك القياس، أو الوقف عن العمل به بدليل آخر فوقه في المعنى المؤثر أو مثله، وإن كان أخفى منه إدراكاً ولم يروا القياس الظاهر حجة قاطعة لظهوره، ولا رأوا الظهور رجحاناً، بل نظروا إلى قوة الدليل في نفسه من الوجه الذي يتعلق به صحته، ولم يكن غرضهم من هذه التسمية -والله أعلم- إلا ليميزوا بين الحكم الأصلي الذي يدل عليه القياس الظاهر، وبين الحكم الممال عن تلك السنن الظاهرة بدليل أوجب الإمالة، فسموا الذي يبقى على الأصل قياساً، والذي يمال استحساناً الاستحسان هو قياس، لكنه خفي غير جلي، وهو ما تفرد به أبو حنيفة وأصحابه، ولذلك سموا أصحاب الرأي. مفاتيح العلوم (ص: ٢٣)، الواضح في أصول الفقه (٢/ ١٠٠)، تقويم الأدلة (ص: ٤٠٤)، كشف الأسرار (٤/ ٢).
(٨) في (ب) "ثمنا".
(٩) "واتحد" في (ب)، وهو الصحيح لمناسبة المعنى في الجملة.