للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أنا عبد لفلان، فهو عبد للذي في يديه): دلالة (١)

[إذا قال أنا عبد لفلان]

(لأنه أقرَّ بأنه لا يد له حيث أقرَّ بالرّق): فإن قلت: الإقرار بالرّق من المضار فكيف صح ذلك الإقرار من الصبي والأقوال الموجبة للضرر غير ثابتة في حق الصبي وإن كان عاقلًا كالطّلاق (٢) والعتاق (٣) والهبة (٤) والإقرار بالدين؟ وكذلك أفعاله، حتى أن فعله لم يقع موجبًا للقصاص والحدود؛ فإن الصبي أبدًا يبعد من المضار ويقرب من المبَار فكيف صح هذا الإقرار ها هنا من الصبي وهو من المضار؟ قلت: ثبوت الرّق هنا ليس بعبارة الصبي بل بدعوى ذي اليد؛ لأن عند معارضته إياه بدعوى الحريّة لا تتقرر يده عليه أي: يد صاحب اليد على الصبي، وعند عدم المعارضة يتقرر يده عليه فيكون القول قوله. رقه بمنزلة الصبي الذي لا يعقل إذا كان في يده؛ ولأن الإقرار بالرق مما في مقدور المقر تداركه؛ لأن التناقض في دعوى الحرية لا يمنع صحة الدعوى. بخلاف الإقرار بالدين؛ لأنه ليس في مقدور المقر تداركه وتلافيه؛ لأن التناقض فيه يمنع صحة الدعوى؛ وكذلك في الطلاق والعتاق.

[إن كان الصبي لا يعبر عن نفسه]

(وإن كان لا يعبر عن نفسه فهو عبد للذي في يديه): فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين اللقيط (٥) الذي لا يعبر عن نفسه؟ فإن الملتقط هناك وهو صاحب اليد لو ادعى أنه عبد لا يصدَّق وهنا يصدَّق. قلت: الفرق هو أن صاحب اليد إنما يصدَّق في دعوى الرِّق باعتبار


(١) ساقطة من (ب).
(٢) الطلاق: هو في اللغة إزالة القيد والتخلية، وفي الشرع: إزالة ملك النكاح. يُنْظَر: التعريفات (ص: ١٤١).
(٣) العتاق: خِلَافُ الرِّق وَهُوَ الْحَرِيَّةُ. يُنْظَر: لسان العرب (١٠/ ٢٣٤).
(٤) الهِبةُ: العَطِيَّة الخاليةُ عَنِ الأَعْواضِ والأَغْراضِ. يُنْظَر: لسان العرب (١/ ٨٠٣).
(٥) اللقيط: هو بمعنى الملقوط، أي المأخوذ من الأرض، وفي الشرع: اسم لما يطرح على الأرض من صغار بني آدم؛ خوفًا من العيلة، أو فرارًا من تهمة الزنا. يُنْظَر: التعريفات (ص: ١٩٣).