للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخياطة، فكان الرد ممتنعاً قبل عمل/ الهبة.

فإن قطع الثوب وخاطه … إلى أن قال: رجع بنقصانه (١)

لأن امتناع الرد بعد الخياطة كان] (٢) «بسبب الزيادة لا بسبب إمساك الثاني، وكان الحال بعد البيع كالحال قبله، وقيل: البيع له أن يرجع بنقصان العيب على كل حال، كذلك ههنا، الأصل في هذا أن انتقاض المبيع في يد المشتري أنه متى كان بآفة سماوية، أو بفعل المشتري، أو بفعل الأجنبي، ثم اطلع المشتري على عيب كان عند البائع لا يرد بالعيب من غير رضا البائع، لما في الرد من الإضرار بالبائع، ولكن يرجع بالنقصان إن كان الانتقاص بآفة سماوية، أو بفعل المشتري؛ دفعاً للضرر عن المشتري، وللبائع أن يقول: أنا أقبله كذلك؛ لأن امتناع الرد هنا [لدفع الضرر عن البائع، وإن كان النقصان بفعل الأجنبي حتى وجب الإرش؛ ليس للبائع أن يقول: أنا أقبله كذلك؛ لأن امتناع الرد هنا] (٣) لحق البائع من حيث إن الرد إضرار بالبائع، ولحق الشرع باعتبار الربا؛ لأنه لا يمكن رد الأرش؛ لأن العقد لم يرد عليه، فلا يرد الفسخ؛ لأن الأصل اتحاد موردهما؛ لكون الفسخ رفعاً للعقد عن المحل الذي انعقد فيه، إلا في موطن تعين الفسخ طريقاً لاستدفاع الضرر، كما إذا استهلك المبيع أجنبي قبل القبض أو اختلفا في الثمن بعد هلاك المبيع عند محمد - رحمه الله - والفسخ فيما نحن فيه لم يتعين طريق لاستدفاع الضرر؛ لإمكان الرجوع بالنقصان، فإذا امتنع الفسخ هنا تعذر رد الأرش، ورد المبيع بدون رد الأرش متعذر؛ لأن الأرش يبقى في يده بلا عوض في عقد المعاوضة فيكون رباً؛ لأن الربا اسم لما يستحق بالمعاوضة بلا عوض يقابله، هذا الذي ذكرنا في انتقاض المبيع في يد المشتري.

[[الزيادة في المبيع]]

وأما الزياده في يده (٤) فنقول: الزيادة نوعان: متصلة ومنفصلة، فالمنفصلة ضربان: غير متولدة من المبيع، كالصبغ والخياطة، وأنها تمنع الرد بالعيب بالاتفاق (٥) وليس للبائع أن يقول: أنا أقبله كذلك؛ لأنه لا يمكن الفسخ في الزيادة؛ لما ذكرنا، وهو أن الفسخ إنما يرد على ما ورد عليه العقد، ولم يكن الصبغ والخياطة وقت العقد، ولهذا قلنا: إن الزيادة المتصلة تمنع الرجوع في الهبة لما أن الهبة لم ترد عليها، فلا يمكن إيراد الفسخ عليهما.


(١) قال في الهداية: "فإن قطع الثوب وخاطه أو صبغه أحمر، أو لت السويق بسمن ثم اطلع على عيب رجع بنقصانه" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٦٣).
(٢) بداية هذا المتن في اللوح ٤٦/ أ السطر ١٢ من (ب).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٤) أي: في يد المشتري.
(٥) قال في البحر الرائق (٦/ ١١٥): " ينبغي تقييد المسألة بما إذا كانت هذه الزيادة حدثت بعد القبض لأنها لو كانت قبل القبض ينبغي أن لا تمنع الإقالة كما لا تمنع الرد بالعيب تأمل، وأقول: وإنما تمنع المنفصلة إذا كانت متولدة من المبيع أما إذا لم تكن متولدة منه ككسب وغلة لا تمنع الفسخ بسائر أسباب الفسخ". ينظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٥/ ١٢٥)، فتح القدير (٦/ ٣٦٨).