للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولو كان لم يشهد يجب أن يصير قابضاً)

وذكر الإمام التمرتاشي: وإن لم يشهد، فكذلك عند أبي يوسف - رحمه الله - أي: لا يصير قابضاً، وعندهما يصير قابضاً عقيب الشرى، وإن كان أخذه لنفسه يصير قابضاً عقيب الشرى عندهم جميعاً.

[[بيع العبد الآبق]]

(ولو باع الآبق ثم عاد من الإباق لا يتم ذلك العقد)

"ويحتاج إلى بيع جديد، وبه أخذ جماعة من مشائخنا، وبه كان يفتي أبو عبد الله البلخي (١)، وهكذا ذكر شيخ الإسلام؛ لأن شرط جواز العقد -وهو القدرة على التسليم- كان فائتاً وقت البيع، فلا يجوز، وإن وجد من بعد، كما لو باع طيراً في الهواء، أو سمكاً في الماء، ثم أخذ وسلمه في المجلس فإنه لا يجوز البيع" (٢)؛ لانعدام المحلية؛ لأن محل البيع هو مال مقدور التسليم، والآبق ليس بمقدور التسليم، ولأن المالية في الآبق ثاوية، فهو كالمعدوم حقيقة في المنع (٣) من البيع.

فإن قيل: فلم جاز إعتاقه؟.

قلنا: الإعتاق إبطال الملك فيلائم تواه (٤) بالإباق، وأما البيع فإثبات الملك للمشتري والتوى ينافيه فلا يثبت.

(وعن أبي حنيفة - رحمه الله - أنه يتم بالعقد)

"وبه أخذ الكرخي وجماعة من مشائخنا وهكذا ذكر القاضي الاسبيجابي (٥)، وبعد ظهور الآبق فأيهما امتنع من البائع والمشتري يجبر على التسليم، والتسليم لا يحتاج إلى بيع جديد، إلا إذا كان المشتري رفع الأمر إلى القاضي فطلب التسليم من البائع، وظهر عجزه عن التسليم، وفسخ القاضي العقد بينهما، ثم ظهر العبد، فحينئذ يحتاج إلى بيع

جديد" كذا في الذخيرة (٦).

(والمانع قد ارتفع، وهو العجز عن التسليم) (٧)


(١) لعله ابن سماعة: سبق ترجمته ص ١٣٩.
(٢) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٦/ ٣٤٥).
(٣) "المبيع" في (ب).
(٤) توى: أي: لا ضَياع ولا خَسَارةَ، من قولهم: تَوَى عليه المَالُ: إذا هَلَك يَتْوِي، وتَوِي حَقُّ فُلانٍ على غَريمِه إذا ذَهَب تَوًى وتَواءً. والقَصْر أَجْود، فهو تَوٍ وتَاوٍ. ويقال: "توى المال على الكفيل" بأن مات مفلساً. الصحاح (٦/ ٢٢٩٠)، العين (٨/ ١٤٤)، تهذيب اللغة (١٤/ ٢٤٩)، المجموع المغيث (١/ ٢٤٩)، التعريفات الفقهية (ص: ٦٥).
(٥) "رحمه الله" زيادة في (ب).
(٦) المحيط البرهاني (٦/ ٣٤٤ - ٣٤٥).
(٧) قال في الهداية: "إذا لم يفسخ؛ لأن العقد انعقد لقيام المالية، والمانع قد ارتفع -وهو العجز عن التسليم-، كما إذا أبق بعد البيع، وهكذا يروى عن محمد -رحمه الله-". الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٧٧)