للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[القراءة في الصلاة]]

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (١) قَالَ عُلَمَاؤُنَا (٢) -رحمهم الله- الْقِرَاءَةُ رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ أَصْلِيٌّ (٣) وَقَالَ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ لَا (٤) تَبَعَ لَهُ لَيْسَتْ بِرُكْنٍ؛ لِأَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْفِعْلِ، دُونَ الْقَوْلِ يُخَاطِبُ (بِالصَّلَاةِ دُونَ الْقَادِرِ عَلَى الْقَوْلِ بِلَا فِعْلٍ؛ وَلِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنِ الْمُقْتَدِي إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ) (٥) بِالْإِجْمَاعِ وَرُكْنُ الصَّلَاةِ لَا يَسْقُطُ بِالاقْتِدَاءِ.

وَلَنَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (٦) وَهُوَ إِنَّمَا نَزَلَ فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ صَدْرِ الْآيَةِ وَسِيَاقُهَا؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَثَبَتَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وانَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}} (٧).

فَأَرْكَانُ (٨) الصَّلَاةِ شُرِعَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مُتَفَرِّقَةً، وَجَمَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَضَرْبٌ مِنَ الْفِقْهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْكَلَامَ قَاطِعٌ لِلصَّلَاةِ، فَلَوْلَا أَنَّ اللِّسَانَ يَتَنَاوَلُهُ عَقْدُ الصَّلَاةِ، وَاسْتَحَقَّ عَلَيْهِ [أَدَاءَ] (٩) رُكْنٍ مِنْهَا، وَإِلَّا لَمَا تُصُوِّرَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ (١٠) يَتَعَلَّقْ بِالْعَيْنِ، لَمْ يَكُنِ النَّظَرُ قَاطِعاً، وَكَذَلِكَ الْآذَانُ (١١) وَلَمَّا تَعَلَّقَ بِالْبَدَنِ جُمْلَةٌ مِنْ قِيَامٍ وَقُعُودٍ وَرُكُوعٍ، وَسُجُودٍ، وَاسْتِقْبَالٍ كَانَ عَمَلُ الْبَدَنِ، بِخِلَافِ هَذَا قَاطِعاً، وَالصَّوْمُ لَمَا تَأَدَّى بِالْكَفِّ عَنْ شَهْوَةِ الْبَطْنِ، وَالْفَرْجِ (١٢) لَمْ يَتَعَلَّقِ النَّقْضُ (١٣) إِلَّا بِاقْتِضَائِهِمَا عَلَى سَبِيلِ الْمُضَادَّةِ وَبِحَيْضِ الْمَرْأَةِ إِنَّمَا يَفْسَدُ الصَّوْمِ بِزَوَالِ شَرْطِهِ كَمَا يَفْسَدُ (١٤) هُنَا بِالْحَدَثِ وَإِصَابَةِ النَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ وَلَا مَعَنى أَنْ يُقَالَ قَدْ تَعَلَّقَ بِاللِّسَانِ التَّعْظِيمُ بِالتَّكْبِيرِ لِأَنَّا نَقُولُ إِنَّهُ شَرْطٌ وَعَقْدٌ عَلَى الْأَدَاءِ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالُوهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ عَلَى الْأَدَاءِ (١٥) دُونَ الْفِعْلِ فِي دِيَّتِهِ (١٦) الْوُجُوبُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى السُّقُوطِ أَصْلًا كَذَا فِي "الأسرار" (١٧).


(١) سورة المزمل (٢٠).
(٢) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٨).
(٣) (أصلي) ساقطة من (ب).
(٤) (لا) ساقطة من (ب).
(٥) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٦) سورة المزمل (٢٠).
(٧) سورة الحج: (٧٧).
(٨) في (ب): (فإن).
(٩) في (أ): (إذا) والمثبت من (ب).
(١٠) (لم) ساقطة من (ب).
(١١) في (ب): (الأذن).
(١٢) الفرْجِ: هو مابين الرجلين، وبه سمي فرج المرأة والرجل لأنهما بين الرجلين، وهو اسم لجمع سوءات الرجال والنساء والفتيان. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر لإبن الأثير" (٣/ ٤٢٣)، "لسان العرب لابن منظور" (٢/ ٣٤٢).
(١٣) في (ب): (البعض).
(١٤) في (ب): (يفسدها).
(١٥) (على الأداء) ساقطة من (ب).
(١٦) (ديته) مكانها في المخطوط (ب). رسم مبهم
(١٧) "الأسرار" للدبوسي: (١/ ٧٨٥) و (١/ ٨٤٤)