للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحيلة ليجعلها القاضي في يد أحدهما إلا أنه يمنع المقر من أن يزاحم المقر له فيها؛ لأن إقراره حجة في حقه.

[إن أقام أحدهما البينة]

(وإن أقام أحدهما البيِّنة جعلت في يديه): (لقيام الحجة)، فإن قيل البيِّنة حجة على الخصم وإذا لم يثبت كونها في يد الآخر لا يكون خصمًا. فكيف يقضي باليد فيها للذي أقام البينة؟ قلنا: هو خصم باعتبار منازعته في اليد. ألا ترى أنه يتمكن من إثبات اليد بدعواه لو لم ينازعه الآخر (١) ومن كان خثمًا لغيره باعتبار منازعته في شيء شرعًا كانت بينة مقبولة، وذكر الإمام التمرتاشي (٢) رحمه الله فإن طلب كل واحد يمين صاحبه ما هي في يده، حلف كل واحد منهما ما هي في يد صاحبه على البتات، فإن حلفا لم يقض لهما باليد (٣)، وبرئ كل واحد منهما عن دعوى صاحبه وتُوقَف الدار إلى أن تظهر حقيقة الحال. وإن نكلا قضي لكل واحد بالنصف الذي في يد صاحبه، وإن نكل أحدهما قضي عليه بكلها، للحالف نصفها الذي كان في يده ونصفها الذي كان بيد صاحبه بنكوله، وإن كانت الدار في يد ثالث لم تنزع من يده؛ لأن نكوله ليس بحجة في حق ثالث، جعلت في يديهما لما بينا وهو قوله: (لقيام الحجة) لوجود التصرف والاستعمال فيها، ومن ضرورته إثبات اليد كالركوب في الدواب واللبس في الثياب، كذا ذكره (٤) فخر الإسلام (٥) رحمه الله. والله أعلم


(١) في (أ): لآخر.
(٢) يُنْظَر: رد المحتار ٥/ ٥٨٠.
(٣) في (ب): باليد لهما.
(٤) يُنْظَر: تبيين الحقائق ٤/ ٣٢٨.
(٥) فخر الإسلام: من المصطلحات المتعارف عليها عند الحنفية كما هو مذكور في كتبهم وإذا أُطلق يراد به: علي بن محمد البزدوي وهو: علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم، أَبو الحسن، فخر الإسلام البزدوي، من سكان سمرقند، نسبته إلى بزدة، قلعة بقرب نسف، توفي سنة ٤٨٢ هـ. له تصانيف، منها: المبسوط، كنز الوصول في أصول الفقه، يعرف بأصول البزدوي، وتفسير القرآن. يُنْظَر: الجواهر المضيَّة ٢/ ٣٨٠، معجم المؤلفين ٧/ ١٩٢.