للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيء مما تناوله كلامه ليصير الكلام عبارة عنه فيكون هذا رجوعًا عن الإقرار لا استثناء والرجوع باطل وإن كان موصولًا؛ لأنه إنما يصح موصولًا ما يكون فيه معنى البيان لأول كلامه والإبطال ليس من البيان في شيء فلم يصح، وإن كان موصولًا كذا في المبسوط (١).

[الاستثناء في الإقرار]

(فإن استثنى الجميع لزمه الإقرار وبطل الاستثناء): اعلم أن هذا الذي ذكره فيما إذا كان المستثنى من جنس لفظ المستثنى منه. فأما إذا كان المستثنى من خلاف جنس لفظ المستثنى منه صح الاستثناء. وإن أتى على جميع المستثنى منه نحو أن يقول: نسائي طوالق إلا هؤلاء وليس له نساء إلا هؤلاء صح الاستثناء ولم تطلق واحدة منهن ولو قال: نسائي طوالق إلا نسائي لم يصح الاستثناء وطلقن كلهن، وكذا لو قال: عبيدي أحرار إلا عبيدي فلا يصح الاستثناء، وعتقوا كلهم. ولو قال: عبيدي أحرار إلا هؤلاء، وليس له عبيد غير هؤلاء لم يعتق واحد منهم وكذلك لو قال: أوصيت بثلث مالي إلا ألف درهم ومات وثلث ماله ألف درهم صح الاستثناء وبطلت الوصية، ولو قال: أوصيت بثلث مالي لفلان إلا ثلث مالي كان للموصى له ثلث ماله ولا يصح الاستثناء كذا في شرح الطحاوي (٢)، وهكذا أيضًا ذكره صاحب الهداية (٣) في الباب الأول من أيمان الزيادات فقال: استثناء الكل من الكل إنما لا يصح إذا كان الاستثناء بعين ذلك اللفظ أما إذا كان بغير ذلك اللفظ يصح، كما إذا قال: نسائي طوالق إلا نسائي لا يصح الاستثناء ولو قال: إلا عمرة وزينب وسعاد حتى أتى على الكل يصح وكذلك في الوصية على ما ذكرنا وهذا لفقه وهو أن الاستثناء تصرف لفظي فيبنى على


(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ١٨/ ٨٧.
(٢) يُنْظَر: تبيين الحقائق ٥/ ١٤.
(٣) صاحب الهداية هو برهان الدين علي بن أبي بكر الْمَرْغِينَانِي. يُنْظَر: الهداية ١/ ٢٤٧.