للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما سأل رجل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - شيئًا أعطاه هدبةً (١) من ثوبه، قال: «إيت وكيلي بخيبر ليعطيك ما سألتني بهذه العلامة» (٢).

وانعقد الإجماع على جوازها (٣)، وكذلك المعقول يدل عليه؛ لأنَّ [للناس] (٤) إلى هذا العقد حاجة، فقد يعجز الإنسان عن حفظ ماله عند خروجه للسفر، وقد يعجز عن التَّصرف في ماله إمَّا لقلة هدايته، أو لكثرة انشغاله، أو لكثرة ماله فيحتاج إلى تفويض التَّصرف إلى الغير بطريق الوكالة، فاقتضى هذا المعنى جوازها (٥).

[سبب الوكلة وركنها]

وأما سببها فما هو السبب في سائر المعاملات، وهو تعلق البقاء المقدور بتعاطيها؛ لأنها من المعاملات، وقد ذكرناه في أول البيوع (٦).

وأما ركنها: فالألفاظ التي تثبت بها الوكالة من قوله: وكلتك ببيع هذا العبد أو شرائه، واقترن به قبول المخاطب.

«وروى بشر، عن أبي يوسف - رحمه الله - (٧) إذا قال الرجل لغيره: أحببت أن تبيع عبدي هذا، أو قال: هويت، أو قال: رضيت، [أو قال: شئت] (٨) أو قال: أردت، أو قال: وافقني، فهذا كله توكيل، وأمر بالبيع (٩).

وإذا قال لا أنهاك عن طلاق امرأتي لا يكون هذا أمراً، وتوكيلاً حتى/ لو طلَّق لا يقع، وكذلك لو قال لعبده لا أنهاك عن التجارة لا يصير مأذوناً.


(١) الهدبة: هي ما يترك في طرف الثوب غير منسوج. النظم المستعذب (٢/ ١٧٧).
(٢) لم أقف على حديث بهذا اللفظ، والذ وقفت عليه: عن أبي نعيم وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله، أنه سمعه يحدث قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسلمت عليه، وقلت له: إني أردت الخروج إلى خيبر فقال: «إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فإن ابتغى منك آية، فضع يدك على ترقوته».
أخرجه: أبو داود في سننه (٣/ ٣٥٠)، كتاب الأقضية، باب في الوكالة، رقم (٣٦٣٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٨٠)، رقم (١١٧٦٤)، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (١/ ٤٢)، رقم (٢٨٨).
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٩/ ٢)، تحفة الفقهاء (٣/ ٢٢٧)، العناية شرح الهداية (٧/ ٤٩٩)، بداية المجتهد (٢/ ٣٠١)، الذخيرة (٨/ ٥)، البيان للعمراني (٦/ ٣٩٣)، المجموع شرح المهذب (١٤/ ٩٢)، مغني المحتاج (٣/ ٢٣١)، المغني لابن قدامة (٥/ ٦٣)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٤/ ١٣٩).
(٤) في «ج»: [الناس].
(٥) ينظر: المبسوط (١٩/ ٢).
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية (٦/ ٢٤٧).
(٧) سقط من: «س».
(٨) سقط من: «ج».
(٩) فتح القدير (٨/ ٤).