للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[[تأخير صلاة العصر]]

وَلَنَا فِي تَأْخِيرِ العَصْرِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي العَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ» وَهَذَا مِنْهُ بَيَانُ تَأْخِيرِ العَصْرِ، وَقِيلَ: سُمِّيَتِ العَصْرَ؛ لِأَنَّهَا تُعصَرُ أَيْ: تُؤَخَّرُ، وَلِأَنَّ فِي تَأْخِيرِ العَصْرِ؛ تَكْثِيرَ النَّوَافِلَ؛ لِكَرَاهَتِهَا بَعْدَ العَصْرِ، وَلِهَذَا كَانَ التَّعْجِيلُ فِي المغرب أَفْضَلَ لِأَنَّ أَدَاءِ النَّافِلَةِ قَبْلَهَا مَكْرُوهٌ، وَتَكْثِيرُ النَّوَافِلِ (١) أَفْضَلُ مِنَ المُبَادَرَةِ إِلَى الأَدَاءِ [لِأَوَّلِ] (٢) الوَقْتِ كَذَا في" المَبْسُوطِينِ " (٣).

قوله -رحمه الله-: (وَالمُعْتَبَرُ تَغُيُّرُ القُرْصِ؛ وَهُوَ أَنْ لَا (٤) يَصِيرَ بِحَالٍ لَا تَحَارُ فِيهِ الأَعْيُنُ هُوَ الصَّحِيحُ) (٥).

الحَيْرَةُ: التَّحَيُّرُ، وَفِعْلُهَا مِنْ بَابِ لَيْسَ، وَقَوْلِهِمْ: بِحَيْثُ لَا تَحَارُ فِيهِ العَيْنُ، أَيْ؛ ذَهَبَ ضَوْءُهَا، فَلَا يَتَحَيَّرُ فِيهِ البَصَرُ، كَذَا فِي " المغرب " (٦).

وَقَوْلُهُ -رحمه الله-: (هُوَ الصَّحِيحُ)، الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى تَغَيُّرِ القُرْصِ، لَا تَغَيّرِ الضّوْءِ (٧)، وَهَذَا احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ سُفْيَانَ (٨) وَإِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ، فَإِنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ (٩) تَغَيّرَ الضَّوْءِ الَّذِي يَقَعُ فِي الجُدْرَانِ (١٠).


(١) فِي (ب): (النافلة).
(٢) فِي (أ): الأول، والمثبت من (ب).
(٣) ينظر: "المَبْسُوطِ" للسرخسي (١/ ١٤٧).
(٤) (لا) غير مثبته فِي النسخ المطبوعة من الهداية. ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤١).
(٥) مَا بين قوسين من كلام صاحب الهداية، حيث يقول: (وتأخير العصر ما لم تتغير الشمس فِي الصيف والشتاء لمَا فِيهِ من تكثير النوافل لكراهتها بعده والمعتبر تغير القرص، وهُوَ أن يصير بحال لا تحار فِيهِ الأعين هُوَ الصحيح والتأخير إليه مكروه) ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤١).
(٦) انظر: " المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (١/ ٢٣٦).
(٧) (لا تغير الضوء)، ساقطة من (ب).
(٨) سفيان: هُوَ سفيان بن عيينة أبو محمد مولى بني هلال الكوفِي سكن مكة، وكَانَ له فِي العلم قدر كبير، ومحل خطير، أدرك نيفا وثمانين نفسا من التابعين، مات سنة ثمان وسبعين ومائة، انظر: "التاريخ الكبير للبخاري " (٤/ ٩٤) "تاريخ بغداد للخطيب البغدادي " (١٠/ ٢٤٤).
(٩) فِي (ب): (يعتبر).
(١٠) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٢٧٥).