للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[لا يتحقق في غصب العقار الموجب للضمان]]

وكذلك في الحديث الثاني لفظ الأخذ مجاز؛ لأن الأخذ حقيقة غير متصوّر في العقار؛ لأن حدّ الأخذ أن يصير المأخوذ تبعًا ليده؛ لأنّه مفعول فيه، فكان هو (١) منصرفًا إلى المنقول ضرورة ليُعمل بالأخذ على حقيقته (٢).

وأمّا مسألة الزيادات (٣) فقيل: ذلك الجواب غير مستقيم على أصل محمّد- رحمه الله- أيضًا؛ لأنه وافقنا [في المنقول] (٤) على أنّه لا يُضَمِّنه بدون النقل، ثم العذر فيه: أنّ الواهب (٥) نقل يده إلى الموهوب له، ويد الواهب في الأمتعة كانت مُفَوِّتَةً ليد المالك فانتقلت بصفتها إلى الموهوب له.

[[ركوب الدابة من غير نقل]]

وأمّا الضمان في مسألة الدابة إذا ركبها من غير نقل؛ فإنّ ذلك الضمان ضمان إتلاف لا ضمان غصب، ألا ترى أنّه لو ركب حرًّا فتلف تحته ضَمِن (٦)، وحدّ الإتلاف ليس في النقل، ولأن الراكب بنفس الركوب يقصر يد صاحبها بصيرورة الدابة تبعًا (٧) للرّاكب قيامًا أو سيرًا بالركوب بخلاف الأرض؛ فإنّها لا تصير تبعًا للمتصرف بمجرد الدخول، ألا ترى أن الرّاكب يَضمن وإن ركب خوفًا، ولم يقصد الغصب والاستيلاء كان للُبس بخلاف الدار، فإنه إذا دخل دار إنسان مُلتجئًا من حرٍّ أو بَردٍ لا يصير غاصبًا بالاتفاق (٨).

[[استيلاء دار الحرب]]

وأمّا الجواب عن استيلاء دار الحرب فقلنا: إن الاستيلاء الموجب للملك لا يدل على أنّه موجب الضمان لوجود الفرق بينهما، ألا ترى أن مجرّد عقد البيع موجب للملك، وهو ليس بموجب للضمان ما لم يوجد النقل والتسليم، أما الجواب عن مسألة الشهادة فيجيء بُعيد هذا كله مما أشار إليه في «المبسوط» (٩) و «الأسرار» (١٠).


(١) سقطت في (ع).
(٢) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٤٨)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٩٣).
(٣) انظر: شرح السير الكبير (ص: ٢١٠٧)، المبسوط للسرخسي (١١/ ٧٥)، الأسرار (٣/ ١٠٩).
(٤) سقطت في (ع).
(٥) في (أ): (الواجب) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٧٥).
(٦) انظر: الأسرار (٣/ ١٠٨).
(٧) في (ع): (معا) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(٨) انظر: الأسرار (٣/ ١٠٧ - ١٠٨)، بدائع الصنائع (٧/ ١٤٨).
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٥٥).
(١٠) انظر: الأسرار (٣/ ١٠٦ - ١٠٨).