للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[شرط إحياء الموات]]

(فيدار الحكم عليه) (١) أي: على القريب الذي هو دليل الارتفاق (٢) (٣).

فالحاصل: أن عند أبي يوسف/ [يدار] (٤) الحكم على القرب والبعد، وعند محمّد/ على وجود حقيقة الارتفاق وعدمها (٥).

[[إذن الإمام في الإحياء]]

(ثم من أحياه بإذن الإمام مَلَكَه، وإن أحياه بغير إذنه لم يملكه عند أبي حنيفة/، وقالا: يملكه) (٦)، كان شيخي (٧) / يقول في هذه المسألة: فالمشروعات على نوعين:

أحدهما: نَصْبُ الشّرع، والآخر: إِذْنٌ [بالشّرع] (٨).

فنصب الشرع كقوله -عليه السلام-: «مَنْ قَاءَ [أَوْ رَعَفَ] (٩) فَي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ» (١٠)، والإذن بالشّرع كقوله -عليه السلام-: «مَنْ قَتَلَ قَتِيْلاً فَلَهُ سَلَبُه (١١)» (١٢) أي: للإمام ولاية أن يأذن للغازي بهذا القول، فلذلك إلى يومنا هذا من قتل قتيلاً لا يكون له السّلب إلا أن يأذن الإمام به، فكذلك قوله -عليه السلام-: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ» (١٣) من قبيل الإذن بالشّرع عند أبي حنيفة/، وعندهما من قبيل نصب الشّرع، فلما كان هذا الحديث محتملاً لهذين المعنيين لم يصلح معارضًا لقوله: -عليه السلام-: «لَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلَّا مَا طَابَتْ {بِهِ} (١٤) نَفْسُ إِمَامِهِ» (١٥) (١٦)؛ لأن ذلك لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا فترجح ما قاله (١٧).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١٣).
(٢) الارْتِفَاق: الانْتِفَاعُ، وَارْتَفَقَ بِهِ: انْتَفَعَ بِهِ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص ١٥٦)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص ٢١٣)، محتار الصحاح (ص ١٢٦).
(٣) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ٦٩ - ٧٠)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٨١)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٤٣٢).
(٤) في (ب): (مدار).
(٥) يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٣٥)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٢٨٠ - ٢٨١)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٤٣٢).
(٦) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٥)
(٧) شَيُخِيْ: لم يتبين لي على وجه التحديد من هو، ولكن السغناقي/ من عادته عند إطلاق هذا اللفظ يريد به شيخه: الإمام، محمد بن محمد بن نصر البلخي، حافظ الدين الكبير، الْمُتَوَفَّى سَنَةَ ٦٩٣ هـ.
(٨) في (ب): (الشرع).
(٩) في (أ): (ورعف).
(١٠) أخرجه ابن ماجه في "سُنَنِه" (١/ ٣٨٥) كتاب (إقامة الصلاة والسنة فيها) باب (ما جاء في البناء على الصلاة) برقم (١٢٢١) بلفظه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ أَوْ قَلَسٌ أَوْ مَذْيٌ، فَلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ».
- قال ابن حجر: لفظ ابن ماجه وأعله غير واحد بأنه من رواية إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة. يُنْظَر: التلخيص الحبير لابن حجر (١/ ٤٩٦).
- وضعَّفَهُ الألباني. يُنْظَر: ضعيف الجامع الصغير وزيادته (١/ ٧٨٣).
(١١) سَلَبُه: السَّلَبُ الْمَسْلُوبُ وَعَنْ اللَّيْثِ وَالْأَزْهَرِيِّ: كُلُّ مَا عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ اللِّبَاسِ فَهُوَ سَلَبٌ، قال القدوري في "مختصره": (والْسَّلَبُ: مَا عَلَى الْمَقْتُوْلِ مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلَاحِهِ وَمَرْكَبِهِ). يُنْظَر: مختصر القدوري (ص ٢٣٤)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص ٢٥٤)، لسان العرب (١/ ٤٧١).
(١٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٤/ ٩٢) كتاب (فرض الخُمُس) باب (من لم يخمس الأسلاب، ومن قتل قتيلا) برقم (٣١٤٢) بِسَنَدِهِ: عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ حُنَيْنٍ … وفيه قال: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، وَجَلَسَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» … الحديث.
- وأخرجه مسلم في "صحيحه" (٣/ ١٣٧٠) برقم (١٧٥١).
(١٣) أخرجه أبو داود في "سُنَنِه" (٤/ ٦٨٠) كتاب (الخراج) باب (في إحياء الموات) برقم (٣٠٧٣) قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُوْسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَن سَعِيْدِ بْنِ زَيْدٍ، عَن الْنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضَاً مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرقٍ ظَالِمٍ حَقٌ».
- وأخرجه الترمذي (٣/ ٦٥٤) برقم (١٣٧٨)، وقال: هذا حديث حسن غريب. وقد رواه بعضهم، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مُرْسَلا.
- وقال ابن الملقن: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سنَنه" بِإِسْنَاد صَحِيح رِجَاله رجال الصَّحِيح. يُنْظَر: البدر المنير لابن الملقن (٦/ ٧٦٦).
- وصححه الألباني. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٥/ ٣٥٣ - ٣٥٤).
(١٤) سقطت من (ب).
(١٥) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٤/ ٢٠) باب (الحاء) (حبيب بن مسلمة الفهري … ) برقم (٣٥٣٣) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى الدِّمَشْقِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، قَالُوا: ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَسَارٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: نَزَلْنَا دَابِقَ وَعَلَيْنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَبَلَغَ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ أَنَّ بَنَّهُ صَاحِبَ قُبْرُصَ خَرَجَ يُرِيدُ بِطَرِيقِ أَذْرِبِيجانَ وَمَعَهُ زُمُرُّدٌ وَيَاقُوتٌ وَلُؤْلُؤٌ وَذَهَبٌ ودِيبَاجٌ فِي خَيْلٍ فَقَتَلَهُ وَجَاءَ بِمَا مَعَهُ، فَأَرَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنْ يُخَمِّسَهُ، فَقَالَ حَبِيبٌ: لَا تَحْرِمْنِي رِزْقًا رَزَقَنِيهِ اللهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- جَعَلَ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ، فَقَالَ مُعَاذٌ: يَا حَبِيبُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا لِلْمَرْءِ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إِمَامِهِ»، وأخرجه أيضاً في "المعجم الأوسط" (٧/ ٢٣) برقم (٦٧٣٩).
- قال الزيلعي في "نصب الراية": رواه الطبراني، وفيه ضعف من حديث معاذ. يُنْظَر: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للزيلعي (٤/ ٢٩٠).
- قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه عمرو بن واقد، وهو متروك. يُنْظَر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي (٥/ ٣٣١).
- وقال الألباني: ضعيفٌ جداً. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (١٢/ ٧٧١).
(١٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٥١٣).
(١٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٠/ ٧٠)، تكملة فتح القدير (١٠/ ٧٠).