للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا ذكر محمد - رحمه الله - في السير الكبير (١).

وحكى أنَّ فقهاء زمن أبي جعفر كانوا يخالفون أبا جعفر في ذلك، وكانوا يشترطون زيادة [نظر] (٢) تطويل في أداء الفرع، فأخرج الرواية من السير، فانقادوا له، فلو اعتمد أحد على هذا كان في سعدة من ذلك، وهو أسهل وأيسر. كذا في الذَّخيرة والمغني (٣).

«ومن قال» (٤)، أي: لو قال الأصل: «أشهدني فلان على نفسه»؛ أي: أشهدني المقِرُّ على إقراره، «لم يشهد السامع على شهادته»؛ أي: لا يحل للسامع أن يشهد على شهادته، «حتى يقول اشهد على شهادتي؛ لأنَّه لابد من التحميل، وهذا ظاهر عند محمد … » (٥) إلى آخره؛ وذلك لأنَّ الشَّاهد الفرعي لا علم له بالحق؛ لكنه ينقل شهادة غيره عند محمد - رحمه الله - (٦) بطريق التوكيل، حتى لو رجع الأصول دون الفروع وجب الضمان على الأصول في قول محمد - رحمه الله - (٧) (٨).

[في رجوع الأصول والفروع عن الشهادة وضمان من يرجع]

ولو رجع الأصول والفروع جميعاً يخير المشهود عليه إن شاء ضمَّن الأصول، وإن شاء ضمَّن الفروع، فلا يصير الوكيل وكيلاً عن الموكل إلا بأمره (٩).

وعند أبي حنيفة - رحمه الله - (١٠): وإن لم يكن إلَّا شاهد توكيلاً حتى لو أشهد إنساناً على شهادته ثم منعه عن الأداء لا يصح منعه، وكان للشاهد الفرعي أن يشهد على شهادته.

ولو رجع الأصول لا يجب الضمان عليهم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- إلَّا أنَّ شهادة الأصول إنَّما تصير حجَّة بالنقل إلى مجلس القضاء، ولهذا تعتبر عدالة الأصول، فلا يكون لغيره أن يجعل كلامه حُجَّة إلا بأمره، فلا يشهد على شهادته إلا بإشهاده. كذا في الجامع الصغير لقاضي خان (١١).


(١) ينظر: المحيط البرهاني (٨/ ٣٩٨)، البناية شرح الهداية (٩/ ١٨٨) العناية شرح الهداية (٧/ ٤٦٥)، درر الحكام (٢/ ٣٨٩)، البحر الرائق (٧/ ١٢١).
(٢) زيادة من «ج».
(٣) ينظر: فتح القدير (٧/ ٤٦٦)، البحر الرائق (٧/ ١٢١)، رد المحتار (٥/ ٥٠٠).
(٤) الهداية (٣/ ١٢٩).
(٥) تمامها: « … لأنَّ القضاء عنده بشهادة الفروع والأصول جميعاً حتى اشتركوا في الضمان عند الرجوع». الهداية (٣/ ١٢٩).
(٦) سقط من: «س».
(٧) سقط من: «س».
(٨) ينظر: بدائع الصنائع (٦/ ٢٨٧)، المحيط البرهاني (٨/ ٥٧٤).
(٩) ينظر: المبسوط (١٧/ ٢١)، البناية شرح الهداية (٩/ ٢١٣)، المحيط البرهاني (٨/ ٥٧٥).
(١٠) في «س»: -رضي الله عنه-.
(١١) ينظر: تبيين الحقائق (٤/ ٢١٤).