للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب صلاة المريض (١)

عجز المريض عن القيامذكر صلاة المريض عقيب سجود السهو؛ إمّا لأن كلًّا منهما من العوارض السماوية (٢)، إلا أنّ الأوّل أكثر وقوعًا (٣)؛ لأنّه يعرّض كثيرًا في صلاة واحدة، وأعمّ موقعًا؛ لأنّه يتناول صلاة المريض، وصلاة الصحيح، وغيرهما؛ فقدّمه لشدة مساس الحاجة إلى بيانه لكثرة وجوده، أو لأنّ السهو في الصّلاة قصور وله جبر (٤)، وصلاة المريض مع قصور ولها جبر، وهو قدر الإمكان، ثم الإضافة؛ إما إضافة الفعل إلى فاعله كـ: قيام زيدًا، وإلى محله كـ: تحرك الخشب، وقولهم: جرح زيد لا يندمل، يجمعها (٥).

(وإذا عجز المريض عن القيام صلّى قاعدًا) (٦).

وفي «المحيط» (٧): (لم يرد بهذا العجز، [والعجز] (٨) أصلًا بحيث لا يمكنه القيام بأن يصير مقعدًا، بل إذا عجز عنه أصلًا، أو قدر عليه إلا أنه يُضعفه ذلك ضعفًا شديدًا حتى يزيد عليه لذلك، أو يجد وجعًا لذلك، أو يخاف إبطاء البرء، فهذا وما لو عجز عنه أصلًا سواء) (٩).

وذكر الإمام التمرتاشي -رحمه الله- (١٠): (اختلف في حدّ المرض الذي يبيح الصلاة قاعدًا، قيل (١١): أن يكون بحال لو قام سقط من ضعف، أو دوران رأس، أو غير ذلك، وقيل: أن يصير صاحب فراش، وأصحّ الأقاويل: أن يلحقه بالقيام ضرر) (١٢). (١٣)


(١) المريض لغة: من المرض، والمرض - بفتح الراء وسكونها - فساد المزاج. واصطلاحًا: مايعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال الخاص، والمريض من اتصف بذلك. ينظر: لسان العرب ٧/ ٢٣١، التعريفات؛ للجرجاني ص ٢٦٨.
(٢) العوارض السماوية: ما لا يكون لاختيار العبد فيه مدخل على معنى أنه نازل من السماء كالصغر والجنون والنوم.
ينظر: التعريفات؛ للجرجاني ص ٢٠٥.
(٣) أي: الأول أعم موقعًا لشموله المريض والصحيح فكانت الحاجة إلى بيانه أمس فقدمه. ينظر: البحر الرائق ٢/ ١٢١.
(٤) ينظر: تبيين الحقائق: ٢/ ٤٥٦.
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٣، البحر الرائق ٢/ ١٢١.
(٦) ينظر: الهداية شرح البداية ١/ ٧٦.
(٧) المحيط البرهاني في الفقه النعماني؛ لبرهان الدين محمود بن أحمد بن عبدالعزيز بن عمر بن مازة البخاري، المتوفى سنة (٦١٦ هـ) والمحيط البرهاني كتاب مطبوع في الفقه الحنفي، جمع فيه مصنفه مسائل ظاهر الرواية من كتب ظاهر الرواية؛ لمحمد بن الحسن الشيباني وألحق به مسائل النوادر والفتاوى والواقعات وضم إليها عددًا من الفوائد. ينظر: كشف الظنون ٢/ ١٦١٩، معجم المؤلفين ٣/ ٧٩٦.
(٨) زيادة من (ب).
(٩) ينظر: المحيط البرهاني ٢/ ٢٧١.
(١٠) أحمد بن إسماعيل بن محمد إيدغمش التمرتاشي الخوارزمي، الحنفي ظهير الدين، أبو محمد مفتي خوارزم. توفي في حدود سنة ٦٠٠ هـ. من مؤلفاته: «شرح الجامع الصغير»، كتاب «التراويح». ينظر: الجواهر المضية ١/ ٦١، الأعلام للزركلي ١/ ٩٧.
(١١) في (ب): "قبل".
(١٢) ينظر: الجوهرة النيرة ١/ ٧٩.
(١٣) ينظر: البناية شرح الهداية ٢/ ٦٣٥.