للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإذا ثبتَ هذا في الأكلِ ثبتَ في الوقاع للاستواءِ) (١) هذا جوابٌ عمَّا ذُكِرَ للسؤال في هذا الموضعِ فإنهُ ذُكِرَ في مبسوط شَيْخُ الإسْلَامِ (٢): فإنْ قِيلَ: النصُّ وَرَدَ في الأَكْلِ بخلافِ القياسِ، فلمِاذا قِيسَ عليه الجِماعُ؟

[[حكم جماع الناسي]]

قلنا: الجِماعُ ما ثبتَ بالقياسِ، وإنما ثبتَ بدلالةِ النصِّ، وأنهُ نظيرُهُ مِن كُلِّ وجهٍ (٣)؛ لأنَّ الكفَّ عن كُلِّ واحدٍ منهما] ذكر في بابِ الصَّوْم، ولِأَنَّ لِكُلِّ واحدٍ من الأكلِ والشربِ، ومِنَ الجماعِ كمالاً وقصوراً، فصارا سواءً فيلحقُ بِكُلِّ واحدٍ منهما بالآخرِ (٤) لما عُرِّف في الوافي (٥) (٦)، وذكر في المَبْسُوط (٧): وقال أبو حنيفةَ -رحمه الله- ذكره في «الجامع الصغير» (٨): لولا قولُ الناسِ لقلتُ: يقضي، أي: لولا روايتهم الأثرَ، ولولا قولُ الناسِ أنَّ أبا حنيفةَ خالفَ الأثَر. ثُمَّ ذكَر قولَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، ثُمَّ قالَ: لكنا نقولُ: قد ثبتَ بالنصِّ المساواةُ بين الأَكْل، والجماعِ في حُكْمِ الصَّوْم، أي: في وُجوبِ الكَفِّ، فإذا وَرَدَ نصٌّ في أحدهِما كان وُروداً في الآخرِ باعتبارين، المقدمةُ كَمَنْ يقولُ لغيرهِ: اجعل زيداً، وعمراً في العطية سواءً، ثُمَّ يقولُ أعطِ زيداً دِرْهماً كانَ ذلك تنصيصاً على أنهُ يُعطي عمراً أيضاً درِهماً، ولا فرقَ بينَ الفرضِ، والنفلِ قال مالك (٩)، وابْنُ أبي لَيْلَى، ومُحَمَّد بن مقاتل الرازي (١٠) (١١): في الفرضِ يقضي، وهو القياسُ، كذا ذكره الإمامُ المحبوبي (١٢)، ولو كانَ مخطئاً (١٣)، وهو أنْ يكونَ ذاكراً للصومِ غيرَ قاصدٍ للشربِ كما إذا تمضمض، وهو ذاكرٌ للصوم، والناسِي على عَكْسِهِ (١٤).


(١) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٢٢).
(٢) يُنْظَر: المَبْسُوط للشيباني (٢/ ٢٠٦).
(٣) يُنْظَر: الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٢٩١)، العناية (٢/ ٣٣٢).
(٤) سقط في (ب).
(٥) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٢٨).
(٦) كتاب الوافي في اصول الفقه لحسام الدين السغناقي رحمه الله حقق جزء منه في جامعة أم القرى رسالة دكتوراه عام ١٤١٧ هـ.
(٧) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١١٧، ١١٨).
(٨) يُنْظَر: الجامع الصغير (ص ١٤٠).
(٩) يُنْظَر: بداية المجتهد (١/ ٣٠٣).
(١٠) هو: مُحَمَّد بن مقاتل المروزي، أبو الحسن الكسائي. يروى عن ابن المبارك. حدثنا عنه مُحَمَّد بن عبدالرحمن الشامي. مات في آخر سنة ست وعشرين ومائتين، وكان متقنًا.
يُنْظَر: (ثقات ابن حبان: ٩/ ٨١)، و (التاريخ الكبير: ١/ ٢٤٢)، و (الجرح والتعديل: ٨/ ١٠٥).
(١١) يُنْظَر: البناية شرح الهِدَايَة (٣/ ٣٦).
(١٢) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١١٧).
(١٣) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٩).
(١٤) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١١٧).