للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الزرع فالحبّ تعفَّن، وإذا عفَّن لم يبق متقوّمًا، فإذا لم يبق غير (١) متقوّم لم يكن تعليق حق المغصوب منه به؛ فأمّا الكلام في التصدق بالفضل فأبو يوسف يُدير الطيب على الضمان، فإنّه هو المنصوص عليه، فإنه نهى رسول الله -عليه السلام- «عن ربح ما لم يضمن» (٢) فإذا جاء الضمان طاب الربح.

وقال أبو يوسف (٣): في الوَدِيّ (٤) إذا غصبه إنسان فغرسه فصار نخلًا يُكْره الانتفاع به حتى يرضى صاحبه، ولو غصب نواة فصارت نخلًا جاز الانتفاع به كما في الحنطة إذا زرعها؛ لأن النوى يَعْفَن ويهلك، والودي يزيد في نفسه، (وأصله ما تقدم) أي: قبل هذا الفصل، وهو تعليل مسألة (ومن غصب عبدًا فاستغله فنقصته الغَّلة فعليه النقصان) إلى آخره.

[[ضرب الدنانير والدراهم لا يزيل ملك مالكها]]

(وإن غصب فضة أو ذهبًا فضربها دنانير أو دراهم لم يَزُلْ مِلك مالكها عند أبي حنيفة (٥) -رحمه الله-) قيَّد بغصب الفضة والذهب وبضربها دراهم أو دنانير احتراز عن كسر الدرهم والدينار، وعن كسر قلب الفضة أو قلب الذهب؛ فإنه لو كسر دِرهمًا أو دينارًا فعليه مِثله بالاتفاق (٦)؛ لأنه غيَّر بصنعه، ولا يتم دفع الضرر عن صاحبه إلا بإيجاب المثل، والمكسور للكاسر إذا ضَمِن مثله، فإن شاء صاحبه أخذه ولم يرجع عليه بشيء، ويستوي إن انتقصت ماليته بالكسر، أو لم تنتقص؛ لأن صفة الغير تغيَّرت بفعله، وذلك كافٍ لإثبات الخيار له.


(١) سقطت في (ع).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (١١/ ٢٥٣) برقم (٦٦٧١)، وأخرجه أبو داود في سننه: كتاب الإجارة، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، (٥/ ٣٦٤) رقم (٣٤٠٥)؛ وأخرجه الترمذي في سننه: كتاب البيوع، باب كراهية بيع ما ليس عندك، (٢/ ٥٢٦) رقم (١٢٣٤)؛ أخرجه النسائي في السنن الكبرى: كتاب البيوع، وباب شرطان في بيع، (٦/ ٦٧) رقم (٦١٨٢)؛ وأخرجه ابن ماجة: كتاب التجارات، باب النهي عن بيع ما ليس عندك، (٢/ ٧٣٧) رقم (٢١٨٨) من حديث عبد الله بن عمرو قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك"، قال الترمذي: (حديث حسن صحيح). انظر: سننه (٣/ ٥٢٨). قال الألباني: (حسن). إرواء الغليل (٥/ ١٤٦).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٩٥)، بدائع الصنائع (٧/ ١٥٣)، فتاوى قاض خان (٣/ ١٢٠).
(٤) الْوَدِيُّ: الْفَسِيلُ وهو غُصْنٌ يَخْرُجُ مِنْ النَّخْلِ ثُمَّ يُقْطَعُ مِنْهُ فَيُغْرَسُ. المغرب مادة (و د ي) (ص: ٤٨١) مقاييس اللغة مادة (ف س ل) (٦/ ٩٨).
(٥) انظر: مختصر القدوري (ص: ١٣٠)، فتاوى قاض خان (٣/ ١٢٢)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٣٧).
(٦) انظر: المبسوط للشيباني (١٢/ ١٣٧)، المبسوط للسرخسي (١١/ ٨٨)، المحيط البرهاني (٥/ ٤٦٩).