للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[[قطع الصيام]]

قولهُ -رحمه الله- (١): ولا يصومُ عنهُ الوَلِيُّ، ولا يُصلِّي احترازاً عن أَحدِ قَوْلَي الشَّافِعِي (٢): فإنهُ يقولُ في قولِ: يجوزُ للَوِليِّ أنْ يَصُومَ عنهُ لمِا رُوِيَ عنْ عائشةَ -رضي الله عنها- عنِ النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- أنهُ قالَ: «مَنْ ماتَ وعليهِ الصِّيَامُ صامَ عنهُ وليُهُ» (٣)، وهذا نصٌّ في البابِ، ولنا حديثُ ابنُ عُمَر -رضي الله عنه- مَوقوفًا عليهِ، ومَرفوعًا: «لا يصومُ أحدٌ عن أحدٍ، ولا يصُلِّي أحدٌ عن أحدٍ» (٤)، ولِأَنَّ المقصودَ مِنْ عِبادَةِ الصَّوْم لا يحصلُ بِفعْل غَيْرهِ، وهو قهرُ النفسِ الأمارة بالسُّوءِ، وتأويلِ قولهِ -عليه الصلاة والسلام-: «صامَ عنهُ وليَهُ» (٥)، أيْ: فعلَ عنهُ ما يقومُ مقامَ الصَّوْم مِنَ الإطعَام، لكنْ إنْ أوصى بذلكَ، كذا في «المَبْسُوط» (٦)، و «شرح الكافي».

(ومَنْ دَخلَ في صومِ التطوِّع) (٧) إلى آخره قد ذَكَرَناه مُسبقاً في فصلِ القراءةِ منْ كتابِ الصَّلَاةِ، فالقضاءُ بعدَ الإفسادِ واجبٌ سواءً حصلَ الفسادُ بصنعةِ، أو بغيرِ صُنعةِ حتى إذا حاضَتْ الصائِمةُ تطَّوعًا يجبُ القضاءُ في أصحِّ الروايتين (٨)، وكذلك إذا افتتحَ صلاةَ التَطوُّعِ بالتيممِ، ثُمَّ أبصرَ الماءَ فعليهِ القضاءُ، والخروجُ منها ما كانَ بصنعةٍ.

فبيَّنَ أنَّ الصحيحَ أنَّ الشُروعَ مُلزِمٌ للإتمامِ كالنذورِ، ومتى تعَّذرَ الإتمامُ بعدَ صحَة الشُّروعِ فعليهَ القضاءُ، ثُمَّ هذهِ المسألةُ بيننا وبينَ الشَّافِعِي تُبتنَى على أصلٍ، وهو أنَّ بعدَ الشُّروعِ لا يُباحُ لهُ الإفطارُ بِغَيْرِ عُذْر عندَنا (٩) فيصيرُ بالإفطارِ جانبًا فيلزمُهُ القضاءُ، وعند الشَّافِعِي -رحمه الله- (١٠) يُبُاحُ لهُ الإفطارُ مِنَ غَيِرْ عُذرِ فلا يكونُ في الإفطارِ جانبًا، فلا يلزمُهُ القضاءُ، كذا في «المَبْسُوط» (١١)، فلذلك ذَكَر بعدَ هذهِ المسألةِ قولُهُ: في الكتابِ، ثُمَّ عِنْدَنَا لا يباحُ الإفطارُ فيهِ بغيرِ عُذْرِ في إحدى الروايتين (١٢).


(١) القائل هو الْمَرْغِينَانِي صاحب الهِدَايَة -رحمه الله-. يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٢٦).
(٢) هو قول الشَّافِعِي في القديم. يُنْظَر: العزيز شرح الوجيز (٦/ ٤٥٧)، الْمَجْمُوع (٦/ ٣٦٨).
(٣) رَوَاهُ الْبُخَارِيُ في صحيحه، كتاب الصَّوْم، باب من مات وعليه صوم (١٨٥١)، ومسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب قضاء الصِّيَامِ عن الميت (١١٤٧).
(٤) رَوَاهُ مالك في الموطأ (١٠٦٩ - ٣/ ٤٣٤)، والْبَيْهَقِي في سننه الكبرى (٨٤٧٥ - ٤/ ٢٥٤) وأخرج النسائي في سننه الكبرى، باب صوم الحي عن الميت (٣/ ٢٥٧)، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- ولفظه (لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه).
(٥) سبق تخريجه في الهامش رقم (٣).
(٦) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٣/ ١٦١).
(٧) يُنْظَر بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٤١).
(٨) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١٥٠)، مجمع الأنهر (١/ ٢٠٠).
(٩) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١٢٤)، بَدَائِعُ الصَّنَائع (١/ ٢٩٠)، الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٦١).
(١٠) يُنْظَر: الْمَجْمُوع (٦/ ٣٩٤)، مغني المحتاج (١/ ٤٤٨).
(١١) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١٢٥).
(١٢) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٦٠).