للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الجواب عن [اعتبارهم بالمضاربة] (١)، قلنا: لا يصح الاستدلال بعقد المضاربة؛ لأن معنى الشركة [ثم أغلب حتى صح بدون ضرب المدة، فيكون الربح متولدًا من العمل والمال جميعًا، وعقد الشركة] (٢) عقد ينعقد على محض العمل، كما في شركة الأعمال، فلم تكن المزارعة [نظير المضاربة؛ لأن معنى الإجارة في المزارعة] (٣) أغلب لاشتراط المدة فيها.

بخلاف المضاربة فامتنع الاستدلال بعقد المضاربة. [كذا في «الإيضاح» (٤) (٥).

والخارج كله في الوجهين، أي: فيما إذا كان البذر من فعل العامل، أو من قبل رب الأرض لصاحب البذر؛ لأنه نماء ملكه.

فإن قلتَ: ما [في] (٦) وجه الفرق بين هذا وبين مسألة الغصب، وهي ما إذا غصب رجل من إنسان بذرًا فزرعه أن الزرع يكون للزراع لا لصاحب البذر مع أن الخارج هناك أيضًا نماء ملك صاحب البذر؟

[شروط المزارعة: بيان المدة]

قلتُ: الفرق بينهما هو أن الغاصب هناك عامل لنفسه، وإضافة الحادث إلى عمله أولى من الإضافة إلى البذر؛ لأنه في العمل مختار، وهو المكتسب المحصل، وهاهنا هو عامل في بذر الغير بأمره، فيعتبر الأمر، فيجعل العمل مضافًا إلى الأمر فبقي [البذر] (٧) أصلاً، فيضاف النماء إليه/. [كذا ذكره الإمام المحبوبي في زكاة «الجامع الصغير»] (٨) (٩)، كما لو وقع البذر بنفسه فيثبت. كذا في «الإيضاح» (١٠)، كما فصَّلنا، وهو قوله: (وهذا إذا كان البذر من قبل صاحب الأرض إلى آخره، والثالث بيان المدة).

فإن قلت: ذكر بيان المدة مطلقًا، ولم يبين مقدار المدة [كم] (١١) تكون؟ ولا شك أن المدة لو كانت قليلة جدًّا بحيث لا يدرك الزرع فيها لا يصح لعدم الفائدة، ولو كانت طويلة جدًّا بحيث لا يعيشان إليها كانت بمنزلة التأبيد فلا يصح أيضًا، فلابد من ذكر مقدار المدة التي تصح بها المزارعة، فكم هي؟

قلت: قال في «الذخيرة»: «ومن الشرائط بيان المدة بأن يقول: إلى سنة، أو [إلى] (١٢) سنتين، [أو ما أشبه] (١٣)، وإن بيَّن وقتًا لا يتمكن فيه من المزارعة فسدت المزارعة، فصار ذكره [وعدم ذكره] (١٤) سواء، وكذلك إذا بيَّن مدة لا يعيش أحدهما إلى مثلها غالبًا لا يجوز؛ لأنه يصير في معنى اشتراط بقاء العقد إلى ما بعد الموت» (١٥).


(١) في (ع): «أعيان المضاربة».
(٢) زيادة من: (ع).
(٣) زيادة من: (ع).
(٤) ينظر: تبيين الحقائق: ٥/ ٢٧٨.
(٥) زيادة من: (ع).
(٦) ساقطة من: (ع).
(٧) ساقطة من: (ع).
(٨) ساقطة من: (ع).
(٩) ينظر: البناية: ١١/ ٤٨١.
(١٠) ينظر: المصدر السابق: ١١/ ٤٨١.
(١١) زيادة من: (ع).
(١٢) زيادة من: (ع).
(١٣) في (ع): «وما أشبهه».
(١٤) في (ع): «ولا ذكره».
(١٥) ينظر: البناية: ١١/ ٤٨٢.