للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَولُهُ -رحمه الله-: (الْأَنْجَاسُ) جَمْعُ: النَّجَسِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ كُلُّ مَا اسْتَقْذَرْتَهُ (١)؛ وَهُوَ فِي الأصل مَصْدَرٌ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الاسْمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (٢).

أَيْ: ذُوو (٣) نَجَسٍ (٤).

[إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ]

وَقَوْلُهُ -رحمه الله-: (تَطْهِيرُهَا) أَيْ: وَتَطْهِيرُ الْبَدَنِ، أَوِ الثَّوْبِ، أَوِ الْمَكَانِ عَنِ النَّجَاسَةِ. وَلَكِنْ لَمَّا (٥) أَضَافَ التَّطْهِيرَ، إِلَى ضَمِيرِ الْأَنْجَاسِ أَنَّثَهُ، وَكَانَتْ (٦) هَذِهِ الْإِضَافَةُ، نَظِيرَ إِسْنَادِ النَّزحِ إِلَى الْبِئْرِ

فِي قَوْلِهِ -رحمه الله-: (إِذَا (٧) وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ نَجَاسَةٌ نُزِحَتْ):

أَيِ: الْبِئْرُ، مِنْ حَيْثُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ذِكْرَ الشَّيْءِ؛ وَإِرَادَةَ غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ الْفَرْقَ (٨) بَيْنَهُمَا: أَنَّ فِي الْأَوَّلِ ذِكْرَ الْمَحَلِّ، وَإِرَادَةَ الْحَالِ، وَها هُنَا ذِكْرُ الْحَالِ، وَإِرَادَةُ الْمَحَلِّ، وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ تَطْهِيرَ عَيْنِ النَّجَاسَةِ مُحَالٌ.

ثُمَّ الْكَلَامُ ها هُنَا فِي مَوَاضِعٍ: فِي الدَّلِيلِ الَّذِي يُوجِبُ التَّطْهِيرَ، وَفِي الْآلَةِ؛ الَّتِي يَقَعُ بِهَا التَّطْهِيرُ، وَفِي بَيَانِ أَنْوَاعِ النَّجَاسَةِ، وَفِي كَيْفِيَّةِ التَّطْهِيرِ، وَفِي الْقَدْرِ الَّذِي يَصِيرُ الْمَحَلُّ بِهِ نَجِسًا.

وَفِيمَا يَتَعَذَّرُ التَّطْهِيرُ فِيهِ قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: «حُتِّيهِ وَاقْرُصِيهِ» (٩) الْحَتُّ: الْقَشْرُ بِالْيَدِ، أَوِ الْعُودِ، وَالْقَرْصُ: بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ كِلَاهُمَا مِنْ بَابِ طَلَبِ، كَذَا فِي " المغرب " (١٠).


(١) في (ب): (كل شيء ما استقذر به). والمثبت في المتن هو الصحيح ينظر: " المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (٢/ ١٩٣).
قلت: والاستقذار ليس دليلاً على النجاسة فان المخاط والبصاق مما تستقذره الطباع عامة، ولم يقل احد بنجاستهما.
(٢) سورة التوبة: جزء من آية (٢٨).
(٣) في (ب): (ذو).
(٤) ينظر: " الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل" للزمخشري (٢/ ٢٦١).
(٥) في (ب): (إنما).
(٦) في (ب): (فكانت).
(٧) في (ب): (وإذا). ونسخة (ب) هي الأقرب للصواب. ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٢٤).
(٨) في (ب): (لا فرق) وهو خطأ.
(٩) يشير إلي حديث أسماء، قالت: جاءت امرأة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب، كيف تصنع؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: «تحته، ثم تقرصه بالماء، وتنضحه، وتصلي فيه» أخرجه البخاري في "صحيحه" (١/ ١٠٩) في كتاب "الوضوء" باب "غسل الدم" حديث رقم (٢٢٥)، ومسلم في "صحيحه" (ص ١٣٩) في كتاب "الطهارة" باب "نجاسة الدم وكيفية غسله" حديث رقم (٢٩١).
(١٠) ينظر: " المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (١/ ١٧٩).