للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَابُ مَا يُوجِبُ القَصَاصَ وَمَا لا يُوجِب (١)

[[مناسبة ذكر هذا الباب بعد أنواع القتل]]

لما ذكر أنواع القتل بأنها خمسة فبعض منها يوجب القصاص: وهو القتل العمد بالسِّلاح ثم مع وجود القتل بهذه الصفة قد يتخلف (٢) في مواضع من إيجاب القصاص ذكر في هذا الباب تفصيل ذلك.

يقال حقن دمه: إذا منعه (٣) أن يسفك من حد (٤).

وحل (القِصَاصُ وَاجِبٌ بِقَتْلِ كُلِّ مَحْقُونِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ (٥) وهو احتراز عن المستأمن (٦).

فإن قلت: يُشْكل على هذا الحد ما لو قتل المسلم ابنه المسلم عمدًا حيث لا يجب القصاص على الأب مع وجود هذا الحد.


(١) وفي (ب) (يُوجِبه)، وهي الصواب، وهكذا جاءت في بداية المبتدي (٢٤٠).
(٢) وفي (ب) (يتحقق).
(٣) وفي (ب) (منع).
(٤) يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (١/ ٢١٧).
(٥) بداية المبتدي (٢٤٠)، وهو لفظ الامام القدوري. مختصر القدوري (٢٨٢).
(٦) قال الإمام البابرتي: وَفيهِ بحْثٌ منْ أوْجُهٍ: الْأوَّلُ: أنَّ الْعفْوَ منْدُوبٌ إليْهِ وَذَلكَ يُنَافي وصْفَ الْقصَاصِ بالْوُجُوبِ.
الثَّاني: أنَّ حقْنَ الدّمِ علَى التَّأْبيدِ غيْرُ مُتصَوَّرٍ؛ لأَنَّ أنْهَى ما يُتصَوَّرُ منْهُ أنْ يكُونَ للْمُسْلِمِ في دارِ الْإسْلَامِ وهُوَ يزُولُ بالِارْتِدَادِ وَالْعيَاذُ باَللَّهِ تعَالَى. الثَّالثُ: أنَّهَا منْقُوضَةٌ بمُسْلِمٍ قتَلَ ابْنهُ الْمُسْلمَ فَإنَّهَا موْجُودَةٌ فيهِ ولَا قصَاصَ، الرَّابعُ: أنَّ قيد التَّأْبيدِ لثُبُوتِ الْمُساوَاةِ، وَإذَا قتَلَ الْمُسْتأْمَنُ مُسْلمًا وجَبَ الْقصَاصُ ولَا مُساوَاةَ بيْنَهُمَا.
فأَجَابَ عنْ الْأوَّلِ: أنَّ الْمُرادَ بالْوُجُوبِ ثبُوتُ حقِّ الاسْتِيفَاءِ ولَا مُنافَاةَ بيْنَهُ وبَيْنَ الْعفْوِ. وعَنْ الثَّاني: أنَّ الْمُرادَ بالْحَقْنِ علَى التَّأْبيدِ ما هوَ بحَسَبِ الْأصْلِ وَالارْتِدَادُ عَارضٌ لا مُعْتبَرَ بهِ ورُجُوعُ الْحَرْبيِّ إلى دَارهِ أصْلٌ لا عارِضٌ. وعَنْ الثّالِثِ: بِأنَّ القِصَاصَ ثابِتٌ لكِنَّهُ انقَلَبَ مالًا لِشُبهَةِ الأُبُوَّةِ. وعَنْ الرّابِعِ: بِأنَّ التّفَاوُتَ إلى نُقصَانٍ غَيرُ مانِعٍ عنْ الِاستِيفَاءِ، بِخِلافِ العَكْسِ. العناية شرح الهداية (١٥/ ١٣١). وينظر: البناية شرح الهداية (١٣/ ٧٦، ٧٧).