للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيَّد هذا أيضًا ما ذكره في الإيضاح فقال: وإنْ وُلد وَلَد وهما مسلمان، ثم ارتدَّ لم يُحكم بردته ما دام في دار الإسلام لأنَّ التّبعية قد تجوز (١) أنْ تثبت بحُكم الدَّار إلا أن تبعية الأبوين أولى من تبعية الدار، فلا يثبت حكم الإسلام ابتداءً بتبعية الدَّار ما دامت تبعية الأبوين قائمةً، فإذا حُكِم بإسلامه اعتبر الدَّار لإبقاء حُكم الإسلام دون الإثبات ابتداءً (٢).

وذكر في الفوائد الظَّهيرية بعد ذكر ورثة الولد فيما إذا كانت أمُّه مسلمةً، وقال: "وما قال في الكتاب أنَّ الإرث يستنِد إلى حالة الإسلام ليكون فيه توريث المسلم من المسلم فيما اكتسبه في حالة الرِّدَّة يضعُف بهذه المسألة لأنَّ الوَلَد هنا لم يكن موجودًا حال الإسلام، ومع هذا يرث؛ فعُلِم بهذا أنَّ الصحيح هو ما رواه محمد عن أبي حنيفة، فهو ما كان وارثًا عند موته سواءٌ كان موجودًا وقت الردة أو حدث بعد ذلك" (٣).

[[حكم المال في الردة]]

(ثم ظُهِر على ذلك المال فهو فَيء) [أي: فذلك المال فَيء] (٤) دون نفس المرتدِّ. ويجوز أن يكون (٥) فيئًا، ولا يكون نفسه فيئًا كمشركي العرب.

(فوجدته الورثة قبل القسمة رٌدَّ عليهم) وهذا إذا قضى القاضي بلحاقه، وقُسِم ماله بين ورثته، فيكون المرتدُّ في هذه الصُّورة آخذًا مال الوَرَثة لا مالَ نفسِه، والحربي إذا استولى على مال المسلمين، وأحرزه بدار الحرب، ثم وقع المال في الغنيمة كان للمالك القديم أنْ يأخذه قبل القِسمة بِغير شيء، كذلك ههنا. فإن كان القاضي لم يقضِ بلحاقه حتَّى عاد، وأخذ المال، وأحرزه بدار الحرب، ثم وقع في الغنيمة، "في ظاهر الرِّواية، وهو جواب هذا الكتاب، يُرَدُّ على الورثة أيضًالأنَّه متى لَحِق بدار الحرب فالظَّاهر أنَّه لا يعود، فكان ميِّتًا ظاهرًا" (٦). وفي بعض روايات السِّيَر يكون فيئًا لا حقَّ للورثة فيه لأنَّ الحقَّ لا يثبت للورَثَة إلا بالقضاء (٧)، كذا في الجامع الصغير لقاضي خان.

(والولاء للمرتد الذي أسلم) بخلاف ما إذا رجع بعدما عتق المكاتَب، فإنَّ الولاءَ فيه للابن ليقودها بدليل متعدٍّ (٨)، وهو قضاء القاضي باللُّحوق.


(١) في (ب) "يتجوز".
(٢) ينظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ١٣٩).
(٣) ينظر فتح القدير (٦/ ٨٦).
(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٥) في (ب) "يكون ماله".
(٦) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٨٩).
(٧) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٨٩)، العناية شرح الهداية (٦/ ٨٧).
(٨) في (ب) "منفّذ".