للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفرق بينهما قبل الرؤية وبينهما بعد الرؤية في حق التصرفات التي لم يتعلق بها حق الغير: أن خيار الرؤية لو بطل بهذه التصرفات، إنما يبطل من حيث إنها دليل الرضاء بالإمساك، لا باعتبار تعلق حق الغير، إلا أن خيار الرؤية لا يسقط بصريح الرضا قبل الرؤية، فدليل الرضا أولى، وأما بعد الرؤية يسقط هذا الخيار بصريح الرضا، فكذا يسقط بدليله أيضاً".

أو إلى ظاهر الثوب مطوياً وفي الإيضاح (١) وإن كان ثياباً فلابد أن ينظر إلى ظاهر كل ثوب.

أو إلى وجه الجارية ذِكْرُ الجارية وقع اتفاقاً، فإن الحكم في الغلام كذلك؛ لأنه ذكر في الإيضاح (٢) والمعتبر في العبد والأمة النظر إلى الوجه، والنظر إلى غيره من الجسد لا يبطل الخيار؛ لأن العلم به وبصفاته يتحقق برؤية الوجه.

[[البيع بالأنموذج]]

وذكر في الذخيرة (٣) أصلاً لجنس هذه المسائل فقال: "والأصل فيه أن غير المرئي إن كان تبعاً للمرئي فليس له رد غير المرئي، فإذا سقط الخيار في الأصل سقط في التبع، بيانه: إذا اشترى جارية أو عبداً، ورأى وجهه ورضي به، لا يكون له الخيار بعد ذلك، ولو رأى ظهرها وبطنها ولم ير وجهها فله خيار الرؤية؛ لأن سائر الأعضاء في العبيد والجواري تبع للوجه، ألا ترى أنه تتفاوت القيمة بتفاوت الوجه مع التساوي في سائر الأعضاء".

قوله:

(لتعذره)، أما في العبد والأمة فظاهر؛ لأن في رؤية جميع بدنهما رؤية مواضع عورتهما، ففي العبد لا يجوز أصلاً، سواء فسخ العقد أو لم يفسخ، وأما في الأمة فإنه لو فسخ البيع بخيار الرؤية بعد رؤية عورتها (٤)، كان نظره إلى عورتها واقعاً في غير ملكه؛ لأن الفسخ رفع العقد عن الأصل فصار كأن العقد لم يوجد، فكأن نظيره وقع حراماً في أصله، وأما في الثوب المطوي فيتضرر البائع بانكسار ثوبه بالنشر والطي على تقدير اشتراط رؤية جميع أجزائه. وفي الصبرة لا يمكن اشتراط رؤية كل حبة من حبات الحنطة لأدائه إلى أمرٍ متعذر ومانع غايته أو أمر غير مفيد؛ لأن الصبرة في ذوات الأمثال، فيكفي برؤية ما ظهر منها لذلك (٥).


(١) الجوهرة النيرة (١/ ١٩٥).
(٢) مختصر القدوري ص (٨١).
(٣) المحيط البرهاني (٦/ ٥٣٨)، تبيين الحقائق (٤/ ٢٦).
(٤) "عورتهما" كذا في (أ) والصحيح "عورتها "؛ لأن الشارح يتكلم عن الأمة.
(٥) قال في الاختيار: "والأصل أن المبيع إذا كان أشياء إن كان من العدديات المتفاوتة، كالثياب، والدواب، والبطيخ، والسفرجل، والرمان، ونحوه لا يسقط الخيار إلا برؤية الكل؛ لأنها تتفاوت، وإن كان مكيلاً، أو موزوناً، وهو الذي يعرض بالأنموذج أو معدوداً متقارباً، كالجوز، والبيض، فرؤية بعضه تبطل الخيار في كله؛ لأن المقصود معرفة الصفة، وقد حصلت، وعليه التعارف، إلا أن يجده أردأ من الأنموذج، فيكون له الخيار". الاختيار (٢/ ١٧)، درر الحكام (٢/ ١٥٧)، اللباب (٣/ ٣٩ - ٤٠).