للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[من قتل بطريق غير مشروع كيف يقتص منه؟]]

(فَإِنْ مَاتَ وَإِلا تُحَزُّ رَقَبَتُهُ (١) فأما إذا أوجر رجلاً خمراً أو وطئ صغيرة أو لاط بصبي فمات من ذلك اختلف أصحاب الشافعي فيه، قال بعضهم: يحز رقبته ولا يفعل [به] (٢) مثل ما فعل فأما القتل بحجر مشروع في الرجم فجاز أن يقتل به.

وقال بعضهم: يتخذ آلة على مثل هذا الذكر فيفعل به مثل ما فعل، وفي الخمر يوجر (٣) الماء حتى يموت كذا في مبسوط شيخ الإسلام (٤).

وقال في المبسوط: القصاص متى وجب يستوفى بطريق حَزِّ الرقبة [بالسَّيف] (٥) ولا ينظر إلى ما به حصل القتل.

وقال الشافعي - رحمه الله-: ينظر إلى (٦) القتل بماذا حصل فإن كان بطريق غير مشروع بأن سقاه الخمر حتى قتله أو لاط بصغير حتى قتله فكذلك الجواب يقتل بالسيف (٧).

وإن كان بطريق مشروع يفعل به مثل ذلك الفعل، ويمهل مثل تلك المدة فإن مات وإلا تحز رقبته نحو ما إذا قطع يد إنسان عمدًا فمات من ذلك واستدل في ذلك بما روي أنَّ النبي -عليه السلام-: «أمر برضخ (٨) رأس اليهودي بين حجرين» (٩) وكان ذلك بطريق القصاص (١٠).


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٦١).
(٢) زيادة في (ب).
(٣) كذا في (أ) و (ب)، ولعل الصواب (يجرع) كما في مجمع الأنهر (٤/ ٣١٧).
(٤) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ٨٥)، مجمع الأنهر (٤/ ٣١٧).
(٥) سقط في (ب).
(٦) وفي (ب) (أن).
(٧) يُنْظَر: الحاوي الكبير (١٢/ ١٤٠)، روضة الطالبين (٩/ ٢٢٩).
(٨) رضخ: الراء والضاد والخاء كلمة تدل على كسر، ويكون يسيرًا، ثم يشتق منه. والرضخ: كسر الرأس، ويستعمل الرضخ في كسر النوى، والرأس للحيات وغيرها؛ فالرضخ: الكسر; وهو الأصل، وتستعمل في العطاء، يقال رضخ له من ماله، إذا أعطاه عطاء غير كثير.
يُنْظَر: العين (٤/ ١٧٦)، جمهرة اللغة (١/ ٥٨٧)، تهذيب اللغة (٧/ ٥٢)، مقاييس اللغة (٢/ ٤٠٢)، المحكم والمحيط الأعظم (٥/ ٤١)، المغرب في ترتيب المعرب (١/ ٣٣٢)، لسان العرب (٣/ ١٩).
(٩) الحديث متفق عليه، رواه البخاري (٢/ ٨٥٠)، في (كتاب الخصومات)، في (باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة بين المسلم واليهودي)، برقم (٢٢٨٢)، من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «فأَمَرَ بهِ النبي صلى الله عليه وسلم فَرضَّ رَأْسهُ بين حَجَرَينِ». ورواه مسلم (٣/ ١٢٩٩)، في (كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات)، في (باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره من المحددات والمثقلات وقتل الرجل بالمرأة)، برقم (١٦٧٢) نحوه.
(١٠) مذهب الشافعية: مراعاة المماثلة في قصاص النفس، فمن قتل إنسانا بالإحراق أو بالإغراق أو بالسُّم، فعل به كما فعل، إلا إذا كان قتل بوسيلة غير مشروعة، كأن يسقيه خمرا أو بالسحر أو لاط بصغير، فإنه يقاد منه بالسيف في هذه الحالة. يُنْظَر: الحاوي الكبير (١٢/ ١٤٠)، المهذب (٢/ ١٨٦)، الوسيط (٦/ ٣١١)، روضة الطالبين (٩/ ٢٢٩)، مغني المحتاج (٤/ ٤٥).